شعار قسم مدونات

بل الإسلام متهم!

blogs - إسلاموفوبيا
في القانون هناك قاعدة عامة.. المتهم بريء حتى تثبت إدانته.. الأمر مختلف نوعًا بالنسبة للإسلام.. فالإسلام متهم، وسيظل متهمًا حتى تثبت براءته! لم يرَ غير المسلمين من الإسلام إلا الدم والكراهية، صورة الإسلام تقتصر فى مخيلاتهم بأنه الدين "البعبع"، ما إن ذكر اسمه حتى انقبضت قلوبهم! على مدى السنوات الطويلة الماضية، يعتبر العالم الإسلامي قمة في التخلف والرجعية، الفقر والتبعية والذل من السمات الأساسية لأي مجتمع مسلم.. هكذا صور المسلمون دينهم، هكذا رسخوه في أذهان كل من هو بعيد عن الدين وينظر فقط إلى العاملين به.. وبالتالي، من الطبيعي والمنطقي أن يتقولب كل ما هو إسلامي في هذا النطاق.. ذلك ما يعرف بالـ"Stereotyping" .. لا تندهش من رد فعل المسلم بعد أي تفجير.. فتجده ينطلق ليبرر سماحة الإسلام ومواقف الصحابة وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران وغيره.. وعلى الجانب الآخر.. فلا ينتظر غير المسلم الإعلان عن مرتكب الحادث بالأساس.. فمن عساه يكون؟ هو مسلم بلا شك!

لن أتحدث عن الحادث، وأن الإسلام وبلا شك يجرم مثل هذه الأعمال، ولن أذكر كم الآيات والأحاديث والمواقف من الرسول والصحابة والتابعين.. فكل ذلك يقر حق الحياة لكل ذمي ومعاهد.. ولن أناقش كيف أصبح الفهم الإسلامي مغلوطا للنصوص القرآنية والأحاديث الشريفة، فالإسلام كدين رباني، هو غير متهم بكل تأكيد.. المتهم هو الإسلام الذى ندين به الآن.. الإسلام المضاد للحياة والمعطل لكل ما هو مادي، الإسلام.. الذي لم يعد أحدًا فخورا باعتناقه!

لن يمل غير المسلم من إلقاء التهم، حتى يرى من إسلامك غير ما يراه.. اجعله يرى الآلية التي أوصلت لهذه المكانة، اكسر التابلوهات قديمة الأزل، واصنع غيرها.

كل من يحاول تبرير موقف الإسلام من أي حادث إجرامي قبل إعلان مرتكب الجريمة بالأساس هو متورط.. متورط في الجريمة، الجريمة على الإسلام وصورته.. فقط دعني أخبرك سرًا يا صديقي.. أنت غير مقتنع، نعم.. أنت غير مقتنع بما تقول.. فقط وجدتهم سيهاجمونك، فاستبقت الضربة، لتحسين موقفك وإقناع نفسك قبل أي شخص آخر بما كتبت.. ذلك الورع البارد يؤذيك قبل أن يؤذي غيرك.

سنظل نسير في الدائرة المفرغة نفسها، يحصل حادث تفجيري أو إجرام ما، ينطلق المسلمون بالـ"هري" المعتاد، وهم غير مقتنعين بما يقولون، وسيظل المتضرر من الحادثة يحتقرك ويحتقر إسلامك.. ويراه دمويا ولا غير.. لن يقدر كلامك، طالما لم يخرج من حيز الكلام.

حتى ترد بالفعل عن هذه التهم.. وحتى تحطم هذه القولبة، لا بد أن تتحرر من هذه الشاشة العينة، أن تبدأ بتجسيد معتقدك على نفسك.. لن يمل غير المسلم من إلقاء التهم، حتى يرى من إسلامك غير ما يراه.. يرى العالم المسلم، المهندس المسلم، الطبيب المسلم، الفيلسوف المسلم.. يرى تقديم الإسلام على كونه عالم أو مفكر.. اجعله يرى الآلية التي أوصلت لهذه المكانة، اكسر التابلوهات قديمة الأزل، واصنع غيرها.. اجعل إسلامك عنوانا واضحا لأي إنجاز تحققه.

لن تتغير صورة الإسلام، إلا عندما ينزل الشيوخ للغة الشباب، يتكلمون كلامهم، ويجلسون معهم على الطاولة نفسها، يتفاعلون مع اهتماماتهم وما يشغلهم.

لن تتغير نظرة الناس -المسلمون على وجه الخصوص بالمناسبة- للإسلام إلا عندما يلبي احتياجاتهم المادية قبل الروحانية.. يخرج من بوتقة دور العبادة لينزل إلى أرض الواقع.. وبالمناسبة، هذا ما يميز الإسلام "الإسلام الحقيقي" عن غيره من المعتقدات، إنه دين واقع قبل أن يكون دينا روحيا، وللاستزادة، أحيلك على كتاب المفكر المسلم العبقري علي عزت بيجوفيتش "الإسلام بين الشرق والغرب".

لن تتغير صورة الإسلام، إلا عندما ينزل الشيوخ للغة الشباب، يتكلمون كلامهم، ويجلسون معهم على الطاولة نفسها، يتفاعلون مع اهتماماتهم وما يشغلهم.. لن يتغير إلا عندما يحتوي ثقافة العصر، يتفاعل معها ويستخدم أساليبها.. لن تتغير صورة الدين.. إلا عندما يصبح "Trend".

حينها.. لن تحتاج إلى التبرير يا صديقي، لأنه وإن حدث مثل ما حدث من إجرام، سيعرف غير المسلم بأن مرتكبه متخلف لا يمثل الإسلام ولا تعاليمه، التي يراها بالفعل تحث على التعايش والسلام والحضارة.. سيراها بالتابلوهات الجديدة، التابلوهات التي وضعتها أنت يا صديقى بما فعلته قبلها..

حتى وإن قام أحد المسلمين بالتبرير والدفاع، سيكون لكلامه طعم ومعنى.. ليس مجرد "هري" هو غير مقتنع به في الأساس، ناتج عن ضغطات محاطة بالخوف على هذه الكيبوردات اللعينة.. وحتى هذه اللحظة.. التزم الصمت، واعمل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.