إن الأساس في تسمية النظرية سواء في بعدها العلمي التجريبي وما يخص العلوم البحتة التي تحكمها قوانين كالرياضيات والفيزياء وغيرها، أو نظيرتها المبنية على التجربة والملاحظة الصرفة التابعة لعلمي النفس والاجتماع، كعلم السلوك وأبحاث علم الأعصاب الإدراكي وعلوم الشخصية، والجامع بينها هو احتمالها الصدق والكذب.
إذا كان مجرد التخيل يحقق ويجذب المتمنيات، فلماذا لا يشفى الطفل المصاب بالسرطان بمجرد أن تتخيل أمه وأسرته أنه سيشفى؟ هل لا يتخيلون كفاية؟! |
ويتمثل ذلك في أن النظريات عموما هي مجموعة من استنتاجات قائمة على نتائج تحتمل الصواب والخطأ، نظرا لاختلاف حقول التجارب، وشبه استحالة إسقاط النتائج على المجال الواسع، خصوصا ما يتعلق بالإنسان في بعده النفسي أو الفيزيولوجي، لذلك فاعتبار نظرية الجذب قانونا خاطئ من حيث المبدأ والمنطق العلمي؛ لأن الدراسات المتعلقة بها غرضا قليلة، وإنما هي مجرد آراء واستنتاجات قام بها باحثون انطلاقا من تجاربهم الخاصة، معتمدين في ذلك على أبحاث سابقة في القدرات العقلية وقوة العقل الباطن، أو ما يسمى علميا بقانون العقل اللاواعي.
وهو يبين أن الإنسان إذا توقع شيئا سواء إيجابيا أو سلبيا فسيراه في كل حدث، وهو بمنظور آخر بسيط التفاؤل والتشاؤم، لذا، فإذا اعتبرنا أن نظرية الجذب توقفت عند هذا الحد فهي صحيحة، لكن تم ربطها بتصرفات يومية وخطوات لا أساس علمي لها؛ فيعتبر العاملون على هذه النظرية الخطوة الأولى لتحقيقها هي التمني وتخيل وقوع المراد حقيقة، ثم الخطوة الثانية وهي الإيمان المطلق بالحصول عليها، تليها الخطوة الثالثة والأخيرة وهي الاستجابة وشكر الكون على ذلك…
هذه خطوات ثلاث لا رابع لها مع اختلاف طفيف في محتوى كل واحدة، الراجع إلى توجهات الباحثين في الموضوع سواء الدينية والعقدية، والغريب فيها هو كونها تبقى ثلاثا مهما كانت الأمنية، والأغرب أنها لا تذكر العمل، وهذا غير منطقي إذا شئنا القول، فالتفاؤل وحده لا يكفي، وكون المرء إيجابيا فقط قد لا يؤدي للنتيجة المرغوب فيها، وتمثيلا لذلك فإن التفاؤل بذرة يجب أن تتواجد في النفوس عموما.
لكن العمل تغذية لها لتثمر، والعلم لا ينفع إلا لمن عمل به، فأمور الدنيا عموما قائمة على التفاؤل والنية الطيبة كما على الخبرة التي لا نتوصل إليها إلا بالتجربة والعمل، والجمع بينهما هو ما يحقق القصد الكامل، فيكون سلوك العامل على هدفه سديدا يبتغي به الخير والمصلحة والنفع. وهنا سأذكر ما قاله الإمام الشاطبي بأن "المقاصد أرواح الأعمال" واعتبارها كذلك يستلزم أن الأعمال أيضا هي التجسيد والبناء الفعلي لكل قصد ونية وهدف.
وأخيرا أريد أن أطرح تساؤلا فيما يخص هذه النظرية وأساسياتها، انطلاقا من تجربة وواقع معاش؛ إذا كان مجرد التخيل يحقق ويجذب المتمنيات، فلماذا لا يشفى الطفل المصاب بالسرطان بمجرد أن تتخيل أمه وأسرته أنه سيشفى؟ هل لا يتخيلون كفاية؟! أنا أجزم لكم أن التخيل والتمني والدعاء بالشفاء يطال كل أسرة لها مريض لحظة بلحظة، وقد لا ترى عينا أمه إلا شفاءه ولا تسمع إلا تبشيرا بشفائه… أليس هذا كافيا؟! هنا أتوقف وأقول: أنا أريد وأنت تريد ويفعل الله ما يريد.