هناك العديد من الأفكار التي من الممكن أن تشكّل بديلاً أنيقاً، مثل المطالبة بتحسين أوضاعهم وتحرّي حالتهم الاجتماعيّة والعمل على سد حاجاتهم من غير أضواء أو جرح لعفافهم |
فمن حيث المبدأ، لماذا عامل النظافة تحديداً يحتاج منّا أن نقدّم له وجبة طعام أو نستجدي الدعم ونقوم بالدعايات على أكتافه.. ما ذنبه؟ ما الذي ينقصه؟ لماذا لا نفعل ذلك للطبيب مثلاً للخبّاز أو للميكانيكي؟ لماذا نربط عمل الخير بعامل النظافة الذي سميناه في بلدي الأردن ب "عامل الوطن" كأسلوب تجميلي للاسم وكأنه يمثّل عيب ما! ما الذي ينقص عامل النظافة ونحتاج لأن نملأ بوجبتنا تلك نقصه!
وضعت نفسي في محلّه؛ ماذا لو كنت عامل نظافة وشاهدت حملات تستجدي أصحاب المتاجر على حسابي، أو شاهدت شباب يفرغوا طاقاتهم التطوعيّة -على براءتها- في تأمين وجبه طعام لي أو خدمة أياً تكن. سأسأل نفسي، لماذا أنا تحديداً؟ لماذا أنا تلك السلعة؟ هل مهنتي ناقصة لتحتاج هذا الجهد من الناس لإثبات تقديرهم لأصحابها.
ربما تجد من لا يرى -من عمال النظافة أنفسهم- ما أراه، ربما لأنه يشعر فعلاً لسبب أو آخر بحالة نقص دفعه لها المجتمع أو لأنهم في طبعهم بسطاء ولا ينظروا للموضوع الا ببراءة حتى لو قمت بتصويرهم والتفاخر بصورهم على مواقع التواصل. وربما يرى البعض بأنها لفته جيّدة بدأت بعامل النظافة مروراً بغيره كنوع من إضفاء حاله اجتماعيّة متراحمة، ربما، لكن باقتصارها على الشكل الحالي لم أستسيغها وهي دعوة للنقاش حول أفكارنا قبل تطبيقها لأن براءة الفكرة لا تكفي.
هناك العديد من الأفكار التي من الممكن أن تشكّل بديلاً أنيقاً، مثل المطالبة بتحسين أوضاعهم وتحرّي حالتهم الاجتماعيّة والعمل على سد حاجاتهم من غير أضواء أو جرح لعفافهم، فالفكرة إذن في دعمهم وتحسين أوضاع المحتاجين منهم وترسيخ مبدأ التراحم الاجتماعي كسلوكيات يومية وليست المشكلة في الوظيفة وسد نقصها غير الموجود أصلاً! ودمتم بروعة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.