أتدري أنه بدايةً لا ينشأ بتكلّف من أحد الطرفين أبداً، ولا هو شيء سحريّ يرميك في سريرك أياماً يهدم كل طاقةٍ فيك، ولا هو نتيجة صخب أغنية أو ضجيج مشاعر، ولا هو سبب فراغ قاتل أو وقتٍ ضائع..
هو ذلك الشعور المُقدّس في هذا الكون، المليء بالسكينة والطمأنينة لا كما صوّروه لك بأنه حالة سُكْر وضجيج شهوة.. المليء بالهمّة والشغف لا كما صوروه لك بأنه حالة دمار وانعزال.. المليء بالسلام التامّ لكل مافي هذا الكوْن لا كما صوروه لك بأنه عدوانية للآخر وقرب للحبيب..
يغيب عنك فتضع الأعذار، يصلك فتُشرق الأنوار، يكون سبب مدمعك تارة.. ومبسمك تارة أخرى، لكن في كلا الأمرين يجعل شيئاً ما في داخلك يُزهر، لا يدمّر! |
على العكس تماماً.. هي حالة تصالح قلبك مع العالم بأسْره، تُشرق الشمس فترى في إشراقها معنىً آخر، تلتقي بصديقك فتهتمّ به أكثر من قبل، تعود إلى أمّك فتهبها من عطائك أوفره، تنظر للمرآة فتبتسم راضياً بقدرك، تُصلّي لله فيكون حضورك في أشدّه.. هكذا تكون، شُعلة لا ينطفئ لهيبها.. ولا تكاد تذكر وجه من أحببت إلا وأنت تدخل بحالة اطمئنان غريبة، لا أنت تفهم تفسيراً لها، ولا أنت قادر على الخروج منها..
يغيب عنك فتضع الأعذار، يصلك فتُشرق الأنوار، يكون سبب مدمعك تارة.. ومبسمك تارة أخرى، لكن في كلا الأمرين يجعل شيئاً ما في داخلك يُزهر، لا يدمّر! وصاله شفاء لروحك وقلبك وعقلك وجسدك معاً؛ لروحك بتجدد الروحانيات في داخلك.. لقلبك بغرس السلام المطلق في شرايينه، لعقلك بتفتّح براعم همته وفِكره، لجسدك بإعادة الرونق لمحياك.. وفقدانه لا يكون بالسهولة أبداً ، إذ أنهم قد يخبرونك بأن الزمن يشفي كل آلام الفراق، ويظهرون لك سهولة العثور على قلبٍ آخر يُنسيك كل ما مررت به! إنهم يريدون المزيد من الفوضى أن تعمّ داخلك، وأن تخرج من علاقة وتدخل أخرى، أن يتزلزل ثبات كيانك..
في الحقيقة إن صادفتَ يوماً خليل قلبك، فتعويضه لا يكون بسهولة أبداً، وإلا فمن البداية لم يكن حقيقياً! إنه بذرة تُغرس في تُربة فؤادك، تنمو مع الزمن وتُزهر بين شرايينك.. ومُحال أن تُقلع الجذور بسهولة لذا تريّث في البحث عن بذرة قلبك..