قبل عشرية من الزمن رفع الرجال مطلبا وحيدا عند إقبالهم على الزواج، "أودها ماكثة في البيت" ربة بيت، سيدة منزل، تعددت الأسماء وتظل تلك الرقعة مكانها الخاص، كان الرجل آنذاك يمارس قوامته بكل ما تحمله الكلمة من رجولة، من مسؤولية، ومن تكليف، يصرف على أهل بيته، يلبي طلباتهم، ويقر أعينهم، فكان راع لرعية تختبئ تحت جناحه.
تدحرجت الأوضاع إلى القاع، وأضحينا نسمع عن شروط أخرى للزواج، منها إلزامية أن تكون المرأة عاملة، وأحيانا يصل الارتطام إلى غاية أنهم يفضلون قطاع عن قطاع آخر، بعد مشاورات وسلسلة تحري وبحث طويل، تشمل الراتب والعطل، الزيادات وكذا التحفيزات المالية والمعنوية، ومن هنا يمكن أن نطلق زغرودة الموافقة والذهاب لخطبة العروسة.
عزيزي الذكر لنكن صريحين هنالك فرق كبير بين إكمال نصف دينك وإكمال نصف مرتبك، فإذا كان مرتبك بسيط أو زهيد، الفقر ليس عيب وليس إنقاص لرجولة لكن الجشع ليس من شيم الرجال |
لماذا تريدها عاملة؟ سؤال يجب أن نطرحه على كل ذكر يدرج هذا الشرط في مراسيم الزواج، طلب غريب، والإلحاح عليه يجعلنا نفتح أبواب الطمع والجشع على مسرعيها، قلة المسؤولية والشخصية الإتكالية، يجب أن تعود لطاولة النقاش بحثا على الأسباب والنتائج، التنازل على القوامة والتخلي عن معالم الرجولة يجب أن يفتى فيها في البرامج الدينية وتشرح بالتفصيل الممل كي نعلم من هم رجال هذا الزمن.
عزيزي الذكر لنكن صريحين هنالك فرق كبير بين إكمال نصف دينك وإكمال نصف مرتبك، فإذا كان مرتبك بسيط أو زهيد، الفقر ليس عيب وليس إنقاص لرجولة لكن الجشع ليس من شيم الرجال، ولا من كرامة الأبطال، فالتي ستقرأ الطمع في عينك، لن تحترم كلمتك في البيت ولن تصون اسمك بين الرجال، فمنذ البداية قرأت أبشع الصفات فيك، فكيف لها أن تكون لك كما تريد.
يوجد فرق بين الزواج بمرآة والارتباط بآلة صرف، فأن تدللها قبل يوم من استلام الراتب دناءة ليس بعدها دناءة، وأن تحبها ليوم في الشهر تمهيدا لموعد القبض فهذه حقارة لم تبلغها المشاعر في أي عصر، فمن العيب أن تصنف ضمن سارقي عرق الجبين، وتعب السنين، فتلك التي تزوجتها من أجل مالها أو من أجل صرفها عليك، مهما بلغت درجة حبها لك، ستراك نصفا بين الرجال، وناقصا بين الذكور، ومجرد مستغل رمته قطعة من النقود، فراح ينسج عليها قصة لزواج.
هي الأم العاملة وليست السجينة التي تدفع غرامة خروجها من السجن، والزوجة العاملة ليست الجارية التي تدفع الجزية من أجل تحريرها، والأخت العاملة ليست المكبلة التي تقدم شيئا من المال قصد فك قيودها، فلا تحاول إقناعي بأي شكل من الأشكال أن خروجها من البيت قصد العمل يجب أن يكون دفعه نقدا من انجازاتها وطموحها، فقبل أن تكون امرأة تربطك بها أي رابطة كانت، فهي إنسان من حقها العمل والتواجد في هذا المجتمع.
إذا دق قلبك، وصاغ عقلك أفكارها، وارتاحت نفسيتك لكلامها، خذها عاملة من أجل مجتمع مثقف ومسؤول، من أجل عائلة ناجحة ومتماسكة، من أجل أبناء متفوقين، من أجل السند الذي ستضع ظهرك يوم السقوط عليه مطمئنا لا خائفا. كن رجلا بمال قليل وبخصال جميلة، احتفظ بقوامتك، وصن رجولتك، كن صاحب عصمة، لا مالكا لكلمة، لا تسرق تعبها، ولا تستبيح مالها، لا تطالبها بتقاسم المصاريف، لا تجبرها على تقسيم راتبها، وتسديد فتورة خروجها من البيت، فليس هنالك سيف ينخر قلب المرأة التي تزوجتك عن حب، كاكتشافها أنك رجل بداية الشهر، وسيد البنوك، وتاج رأس النقود.
تنويه: كل ما ورد في هذا المقال، يخص مصاصي الجيوب لا من يضخون الحب في القلوب، المحبة وكل المحبة لرجال الرجال.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.