وجدت من الناس من يتوهم حباً أو مجداً أو فرحاً حتى، نعم وهم؛ فلا هم بالمحبين ولا بأصحاب المجد؛ فتجد فرحتهم زائفة. فهؤلاء من يرون الحب يكمن في نصف يبحثون عنه.. هذا الذي يلهث وراء نصف يكمل حياته.. حياته التي لا أظن هذا النصف يعرفها.. لم ينم نومته أو يصحو صحوته.. لا يملك بيئة كبيئته ولا أهل أو صحبة كخاصته.. ولا فكر كفكره، وكثير منك وعنك لم يلمسه. فكيف له أن يشعر بك ويفهمك كنفسك أو يساعدك على نيل ما تحب كأنت!
أيها الباحث عن نصفك! يا من تجعل سعادتك حبيسة سجن انتظاره.. أنت كمن يوقف عقارب ساعته حين يتأخر القطار عن موعده.. قد يأتي القطار بعد نصف الساعة أو الساعة وربما لا يأتي.. حينها تكون تخلفت كثيراً عن شيء من حياتك وسبقك الكثيرون الذين لم يوقفوا عقاربهم.
أيها الباحث عن نصفك! يا من تجعل سعادتك حبيسة سجن انتظاره.. أنت كمن يوقف عقارب ساعته حين يتأخر القطار عن موعده.. قد يأتي القطار بعد ساعة وربما لا يأتي. |
نصفك الآخر هو أنت حين ترضي عن نفسك.. هو أنت حين تلتقي بنفسك بعد أعوام من الآن وتجدك حيث أردت أن تكون لا حيث أخذتك الأمواج. ولكن هذا الذي تبحث عنه، وحين يأتي تحتاج عونه وحبه، هو ليس نصف.. هو نسيج آخر يغطي ثغرات لديك لأنه نسيج مختلف. هو رفيق لرحلتك، هو كلٌ ناقص كأنت، احتياجك إليه فطري ولكن انتظارك له وأنت مضطجعاً على أريكتك ما هو إلا حمق.. لأنك قد تصبح به أقوى ولكنك حي به وبدونه.. انتظره لتبلغا أحلامكما معاً.. لا ليفعل لك ما لم تقوى أنت على فعله.. وإلا فأنت تنتظر سرابا وتبحث عن وهم لن تجده حتى يلج الجمل في سم الخياط!
وذاك الآخر الذى وجد الرفيق فيحبه ويسهب في حبه ولا يرى به سوى ملاكاً، ولا يرى أصلاً سواه. ليل نهار يفكر به ويحدثه ويظن أن حبه عظيماً. ثم مع أول عقبة تجبره على التضحية يقف مهزوزاً يفكر ماذا يفعل.. أنت الآخر لم تعرف معنى الحب.. كونك تفكر فقط.. كونك تسأل نفسك ماذا أفعل؟ هل يجب أن أضحي أم أبحث عن أحد لا يضطرني إلى تضحيات؟ هل يستحق الأمر وهل سأقدر عليه؟ هذا ليس حباً يا هذا.. ربما إعجاب، ربما انبهار، ربما رغبة، وربما أي شيء إلا أنه حباً.
أتعلم! إنك قد تحب حقاً فترى من تحب بشراً بعيوب كغيره، وتحب عيوبه.. وترى غيره، ولكن وحده من يستحق الحب. ولا تحدثه ليل نهار، لكنه يتربع على عرش قلبك.. ومهما آسيت معه فأنت بحضوره كأنكما في الجنة.
وأما عن صانعي المجد.. أو المتوهمين ذلك.. الذين يفرحون بالشهرة.. بالجماهير.. بالمعجبين.. ولا ينظرون لما وراء مجدهم.. لا يعلمون أن عليهم مسؤولية مقلديهم.. حتى وإن كانوا كجذور نخل خاوية.. وإن كانوا فارغين غير مصقلين.. لا تحمل كلماتهم نصحاً مفيداً.. وأفعالهم لا تسمن ولا تغني من جوع.. هراء يضحك وكلمات تضل وأنوار تحسبها نجوماً فتجدها نيران محرقة.. ضحاياهم كثيرة وأولهم أنفسهم.. يحملون أوزارهَم وأوزاراً مع أوزارهِم.. وتابعيهم لا بزيف المجد فرحوا ولا بإتباع صانعيه فلحوا!
أين فرحتهم إذن! يُسكرون أنفسهم لينسون أن حبهم ليس حب ومجدهم ليس مجد.. فلا تعلم أهؤلاء عقولهم ضئيلة لا تقدر على فهم هذا أم أن حياتهم لا تحمل هماً.. طويلة غير إنها مملة.. أو قصيرة غير أنها فقيرة! فقيرة حب وسعي ونجاح!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.