شعار قسم مدونات

حماس والعودة للصف الوطني

blogs - حماس
الصف الوطني والشرعية الوطنية والمشروع الوطني، مصطلحات نسمعها كثيراً في واقعنا الفلسطيني، فكلما احتد الخلاف بين الفصائل الفلسطينية ظهرت تلك المصطلحات وترددت كثيراً، فهي مصطلحات تتعلق فيمن له الحق والشرعية في إدارة واتخاذ القرارات المتعلقة بفلسطين، فهي ليست نزاع شرعية بيننا وبين الاحتلال الصهيوني وإنما بين الفصائل الفلسطينية.. اليوم السلطة الفلسطينية في رام الله تطالب حركة حماس للعودة للصف الوطني، فما هو الصف الوطني الذي تريده السلطة؟

فمنذ العام 1948 حيث الاحتلال الصهيوني لفلسطين؛ كانت الشرعية الوطنية تؤخذ من خلال المقاومة التي تقدمها الفصائل وحجم تلك المقاومة وحجم العداء للاحتلال، فكانت القيادات الفلسطينية يقاس مدى وطنيتهم بمستوى العمل المقاوم وكم تقدم من تضحية للوطن، وكل من يتحدث عن أي ارتباط بالاحتلال أو حل سياسي مع الاحتلال يتهم بالخيانة العظمى ويخرج عن الصف الوطني، وربما يعدم بتلك التهمة، واستمر هذا المفهوم حتى العام 1991 عندما بدأت منظمة التحرير الفلسطينية بالتفاوض مع الاحتلال ومن ثم توقيع اتفاق أوسلو الذي اعترفت بموجبه المنظمة بوجود دولة الكيان الصهيوني مقابل إقامة سلطة حكم ذاتي ويعترف الكيان بمنظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني، وهنا بدأت مرحلة جديدة من إدارة الصراع مع الكيان الصهيوني وبدأ تغير مفهوم الوطنية.

إن كانت حماس خرجت عن الصف الوطني بما تقدمه من إبداع في مقاومة الكيان الصهيوني والصمود في وجه آلته المدمرة، فهذا يعني أن المفاهيم تغيرت وأصبحت الوطنية تعني غير ما كانت تعنيه سابقاً.

فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية وما تلاه من عرقلة لتمكينها من إدارة الحكومة وما نتج عن تلك العراقيل من انفلات أمني غير مسبوق؛ الأمر الذي أُجبرت من خلالها حركة حماس على انتزاع شرعيتها التي منحها المواطن لها عبر صندوق الاقتراع وأعلنت سيطرتها على قطاع غزة، وما تلا ذلك من انقسام في العام 2007.

حركة فتح ومنذ أن أدارت حركة حماس قطاع غزة بعد استنكاف جميع الكادر في المؤسسات الحكومية وهي تتهمها بالخروج عن الصف الوطني والخروج عن الشرعية الوطنية وضرب المشروع الوطني، وأنها لا بد من تسليم قطاع غزة لحكومة رام الله حتى تعود إلى تلك الشرعية المتمثلة بالرئيس أبو مازن من وجهة نظرهم.

ولكن السؤال الذي لا بد من طرحه في هذه المرحلة ما هو مفهوم الصف الوطني والشرعية والمشروع الوطني الذي تريده حركة فتح من حركة حماس أن تعود إليه بتخليها عن قطاع غزة؟

وللإجابة عن التساؤلات السابقة، أعود إلى بداية الحديث وهو مفهوم الشرعية الوطنية التي تريدها حركة فتح والتي يتساءل الكثير عن شرعيتها، فكما أسلفت أن الشرعية كانت تنبع من فوهات البنادق الموجهة للعدو الصهيوني، ومقاومة الفصائل للاحتلال وحجم التضحية فهل هذه الشرعية التي يريدونها أم ماذا؟

هل الشرعية الوطنية والصف الوطني يعني الالتزام باتفاق أوسلو وما نتج عنه من اعتراف بدولة الكيان الصهيوني، أم أن الشرعية الوطنية تكون من خلال صندوق الانتخابات التي فازت به حركة حماس بأغلبية ساحقة والذي لم يرق لحركة فتح؟

نعم إن الشرعية الوطنية تعني أن الوطن هو كل الوطن الموحد والتضحية من أجله، والعمل ليل نهار لطرد من يحتله، لا الشرعية التي يريدها أبو مازن المرتبطة بالاستسلام والخنوع لإملاءات العدو الصهيوني وعدم التعرض له ووقف جميع أشكال المقاومة ضده، إلى جانب الالتزام بالتنسيق الأمني معه.

من خان شعبه بتنسيق أمني ولاحق واعتقل المقاومين وسلمهم للاحتلال هو من خرج عن الصف الوطني، من كانت قبلته القيادات الصهيونية والحرص على الصهاينة هو من خرج عن الصف الوطني.

فإن كانت حماس خرجت عن الصف الوطني بما تقدمه من إبداع في مقاومة الكيان الصهيوني والصمود في وجه آلته المدمرة، فهذا يعني أن المفاهيم تغيرت وأصبحت الوطنية تعني غير ما كانت تعنيه سابقاً، إن كانت حركة حماس بحكمها لقطاع غزة الذي نتج عن انقلاب حركة فتح على الشرعية التي اكتسبتها حركة حماس نتيجة الانتخابات فهذا يعني أن الديمقراطية التي تتغنى بها حركة فتح إنما هي لذر الرماد في العيون.

ولكن الصف الوطني يعني الكثير، فالصف الوطني يعني الصف الذي يقف فيه من يقاوم الاحتلال، الصف الوطني هو الصف الذي يقف فيه من يدافع عن شعبه، الصف الوطني هو الصف الذي يقف فيه من يتمسك بإقامة الدولة كاملة على تراب فلسطين، الصف الوطني هو الصف الذي يقف فيه من لا يعترف بشرعية الاحتلال من خلال الاعتراف بدولته، الصف الوطني هو الصف الذي يقف فيه من يقدمون أنفسهم وأبناءهم فداء لفلسطين، الصف الوطني هو الصف الذي يقف فيه من يحفرون الأرض بأظافرهم للدفاع عن أبناء شعبهم، الصف الوطني هو الصف الذي يقف فيه من يدعمون كل من يقاوم.

فمن خان شعبه بتنسيق أمني ولاحق واعتقل المقاومين وسلمهم للاحتلال هو من خرج عن الصف الوطني، من كانت قبلته القيادات الصهيونية والحرص على الصهاينة هو من خرج عن الصف الوطني، من ساهم في حصار شعبه هو من خرج عن الصف الوطني، لأن الصف الوطني والشرعية الوطنية لا تكون إلا من خلال البوصلة المتجهة نحو القدس والتحرير ومقاومة الاحتلال وما دونها ليس له شرعية وطنية لأنها العقيدة التي يجب أن نسير عليها وننتهجها ونربي أبناءنا للحفاظ عليها.

فهل حماس بهذه المفاهيم خرجت عن الصف الوطني وأصبحت بلا شرعية وطنية، أم أن العكس صحيح؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان