المرأة التي أتحدث عنها ليست كأي امرأة بل أنا أتحدث عن درة ثمينة، وجوهرة غالية، عن متمردة لا تعرف الخنوع، عن واثقة لا تعرف إلى اليأس سبيلا، نعم أتحدث عن امرأة لا يعرف الخوف والقلق طريقا إليها، أتحدث عن مخلصة لا تكذب، لا تغش، لا تلهث خلف الرجال، وأشباه الرجال بحثا عن شيء سموه حنان الحب، لا تجادلُ مع السفهاء ولا تجاريهم، متكبرة هي عن كل من يخالف النهج القويم، ولا يحذو حذو الهادي الأمين، متواضعة لا تتأفف عن واجباتها، لا تلعن ولا تحرك فاها استهزاءً واحتقارا.
امرأة شعارها لا حب، لا كره، لا عذاب، لا اختلاط، لا غيرة، لا ضعف، لا ذل، لا تقليد، لا دعارة، لا مماطلة. بل إن كان الحب فلله وفي الله وبالله، وإن وجد الكره فعلى كل مختال أفاك، وإن تسللت الغيرة ثقب حياتها، فلعرضها وعفافها، امرأة لا تضعف إلا أمام خالقها، ولا تقلد إلا فاطمة الزهراء. امرأة تبرأت وضربت معتقدات وسخافات وحماقات وأراجيف هدى الشعراوي عرض الحائط، وأبت إلا أن تكون مقتديه بمريم العذراء البتول الطاهرة العفيفة، وبخديجة الكبرى صاحبة القصر المنيف الذي لا صخب فيه ولا لغط في الجنة.
إنها بلسم الأرواح، وطبيبة الإنسانية، إنها امرأة ذات هدف عظيم، هدفها تغيير العالم بأكمله، تريد أن تضم الكون إلى حضنها الدافئ، كي ينالوا من حنانها العذب الزلال. |
امرأة تنشر السلام حيث وجدت، ترافقها البسمة حيثما حلت وارتحلت، امرأة استثنائية، نعم إنها انثى استثنائية تختلف عن الأخريات في كل شيء، تختلف عنهن ثقافة، وكلاما، ولبسا، وأكلا، وشربا، تختلف عنهن حتى في مشيتها اللامتباهية، في طريقة تعاملها مع الآخرين مختلفة، تراها في سرة الجالسات كالأميرة. انثى تلازمها الهيبة لأنها صانت بروحها الإيمان، وغمرها الوقار لأنها بالإسلام صارت ملكة، تحت أقدامها روضة الجنان، ومستقر النجاة والفلاح.
امرأة تتيقن حين تسمع هوس مشيتها أنها انثى هبطت من السماء، استُثنت عن نساء العصر، فأصبحت شمعة يضيء نورها الظلمات الحوالك، زهرة ربيع نبتت في الصيف، وكأنها أرسلت لتبعث الروح في الرميم، وتنشر الحيا والحياة في النفوس، هبطت في الدنيا حاملة معها كل أدوات الثقة والعيش. ربما لم تفهموا تلك الأنثى التي حدثتكم إياها آنفا، هل شعرتم بأنكم تعرفونها؟ أو سمعتم خبرها في الأساطير الأولين؟ هل شممتم أريج ثقتها التي تفوح كالورود؟
إنها بلسم الأرواح، وطبيبة الإنسانية، إنها امرأة ذات هدف عظيم، هدفها تغيير العالم بأكمله، تريد أن تضم الكون إلى حضنها الدافئ، كي ينالوا من حنانها العذب الزلال. إنها انثى فاقت الرجال بصمودها، فاقتهم طموحا، حلما، وتفكيرا، امرأة اعترفت الرجولة تفوقها وعظمتها، لكن إياك أن تظن تلك الأنثى لا تستحيي كاللاتي وضعن الحياء والعفة جانبا، زاعمات أنهن سلكن طريق الحرية والتقدم والرقي، وامتلكن ناصية التطور زورا وبهتانا! غافلات أنهن وقعن في القيود وتعرين إذعانا لإغواء شيطان الإنس والجن الموحين لهن زخرف القول غرورا، فخلعن الحجاب والحشمة والحياء والعفة والطهر معا! مرددات مساواتهن مع الرجال، لاهثات خلف حقوقهن المسلوبة -ولا أدري أي حق سلب عنهن-.
لا ليست مثلهن، بل فاقت عليهن في كافة الأصعدة؛ فهي لم تفارق الحياء يوما، وكأن الحياء كيانها وكينونتها، وظلها الذي يلازمها في كل حين ووقت، والعفة رداءها الذي لا تكتمل زينتها إلا به. دعني أخبرك أمرا، إنها فاقت النساء رزانة حين تكون في حضرة الرجال، أو بالأحرى حين يكون الرجال في حضرتها، تراها حيِيَّة خافضة الطرف، كشمس خجولة مختبئة خلف القمر، وتتعامل الجميع باحترام لا مثيل له، لكنها أبدا لم ولن تخجل عن قول الحق، ولا تتقن الكلام اللين مع الأجانب.
امرأة مهما تثقفت لا تزيدها الثقافة إلا شموخا وعزا وفخرا بدينها الحنيف، امرأة مهما تطورت لا تهين كرامتها، لأن التطور في تصورها انغماس في الكون وسبر أغواره بمجهر الإسلام. امرأة لا ترى الالتزام تخلفا وتقهقرا، وتقليد الراقصات تقدما، امرأة تعشق السيادة لا بالاسم لكن بالمعنى، حيث تُربي وتقف خلف كل قائد عظيم، وملهم فذ نحرير. امرأة ترغب أن تكون موظفة لكن بشركة الدين داعية، امرأة لا ترى أوامر الله تقييدا وتعقيدا، وادعاء الحرية تحررا وتطورا، امرأة لا يهزمها ألف فارس مادام شعارها: الله معي! هل عرفتم الآن إنها تلك الأنثى التي لا تُقهر! ولا يهزمها أحد مهما أوتي من قوة، لأنها من السماء محروسة، وبكلأة الله وحفظه مأمونة الجانب والجناب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.