شعار قسم مدونات

العزلة الإيجابية لتنطلق حرا

blogs - alone

تتبعتُ حالَ كثيرٍ مِنَ المُنجزينَ في هذا العالم، والذين غادروا هذه الأرض وتركوا الأثر والبصمة، فوجدت لهم حظا وافرا من العزلة الإيجابية.. وحظا أكبر من احترام الذات وتقديرها وتقدير الطاقات الكامنة في كل خلية من خلاياهم.. واحترام تلاحم شيفرات الحمض النووي "DNA" وترتيبها بشكل منسق بِعَظَمَةٍ من الله.. وهم أُناسٌ تلاحموا مع الطبيعة وصادقوها..

ولكن في ظلّ الفوضى التي يميل إليها العالم؛ وهذه نظرية موجودة أن العالم يميل إلى الحد الأعلى من الفوضى. يتطلب على الإنسان أن ينسق تناغما وترابطا لكيلا يسيء لذاته. لأن الذات بطبيعتها تحتاج للتفكر بين الفترة والأخرى ابتداءً بعظمة هذا المصنع العظيم الذي خلقه الله وهو جسم الإنسان.. والذي وجب على الإنسان حمايته والتلاحم مع كل عضو لإبقائه في كامل قوته وطاقته لأنه أشبه بالزاد -أي الطعام- للحركة والحياة والنشاط في هذا الكون..
 

عند احتكاكك بأي شخصية لم تهذب روحها كثيرا للعطاء والتعاملات الراقية؛ وجب عليك أن تغمد جرح قلبك من أي كلام سلبي له أي أثر على روحك، لأن الكلمة الإيجابية تبني كيانا عظيما، ولأن الكلمة السلبية تحتاج إلى وقتٍ لإزالتها

لذلك فإن النفس المهذبة تحتاج بين فترة وأخرى إلى أن تدخل في مرحلة التفكر بالكون والطبيعة وكل ما هو جميل فيها، وأن تعطي من وقتها نصف ساعة للطبيعة يوميا، وأن تصادق كتابا وتناقش عقلية هذا العظيم الذي كتبه والذي ظهرت فيه حقيقة مَعانٍ مرّ بها وتركزت بتلافيف دماغه وانجلى إيقاعها في تجويف القلب الذي هو أساسا بمثابه الحاضنة لهذا الدماغ..

 

نجد في هذا العصر الكثير من الاختلافات التي توصل للمشاحنات والبغضاء والتي تقتل أي كيان جميل.. وللأسف عند احتكاكك بأي شخصية لم تهذب روحها كثيرا للعطاء والتعاملات الراقية؛ هنا وجب عليك أن تغمد جرح قلبك من أي كلام سلبي له أي أثر سلبي على وقع روحك، لأن الكلمة الإيجابية تبني كيانا عظيما. ولأن الكلمة السلبية تحتاج إلى وقت لإزالتها إن لم يكن الكيان قائدا على نفسه لكي يواريها بأسرع وقت ممكن، لأنها من الممكن أن تؤثر فيه وبمشواره الحياتي وبهدفه، ويحتاج لوقت لكي يعيد بناء ذاته ليكمل مسيرته نحو هدفه.

 

الحياة فيها من أسرار الانطلاقة التي يكون مكمنها من الكلمة الطيبة التي أخبر عنها رسولنا الرحمة العالمية بأنها صدقة.. وهذا علمٌ وتربيةٌ من السماء لكيان هذا المحمديّ العظيم الذي حباه الله أن يكون رسولا ورجلا من الجنة يسير على الأرض برقيِّ الإيجابية المطلقة والإنسانية المطلقة.. ولكن كان لهذا الرسول العظيم حظٌّ من العزلة الإيجابية في غار حراء والتحامه مع كلّ الطبيعة وهدوء نفسه الذي يخلق أثرا طيِّباً رحيماً لطيفاً بالتعاملات..

محمد بن عبد الله.. هذا القائد العظيم الذي دعا ربه: "اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيء الأخلاق فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت." والذي أخبر عنه الله عز وجل بأنه قدوة. ولكي تَكونَ كيانا ناجحا قائدا؛ يجب أن تتخذ منه قدوة وتسير على نهج أخلاقه وصفاته وتعاملاته على مستويات عالمية ومحلية.. رسولنا هذا القائد العالمي العظيم الذي نصره الله عند غير المسلمين بأنه الرجل الأول على العالم قيادة وحكمة ونجاحاً وإنسانية، وتعاملات راقية وبإيجابية مطلقة.. هنا مكمن اللغز.. نفسية هذا النبي العظيم التحمت مع الكون والطبيعة وكل شيء على الأرض وهذا ما أهَّلهُ لأن يكون أرقى المخلوقات تعاملا عالميا، ولأنه مشروح الصدر في بادية بني سعد بأمرٍ من الله..

ولكن مرحلة الصراع التي تكمن في داخل النفوس هو أنها تبعثرت بكيان الأحداث مما خلق منها شخصية منفرة.. شخصية هجومية.. شخصية عدوانية وتقاتل بشراسة.. وتريد أن تفرض كيانها رغما عن أنف أي شخص وبسلبية مطلقة، وتدخل فوضى التعاملات بشكل مقيت وتخرج بشكل مقيت.. هنا هؤلاء في حال عرفوا المعادلة بأنها صفوةُ لحظاتٍ مع الله حديثاً عذباً وبُكاءً مِن رُوحٍ حيَّة، وأنهم يحتاجون لأن تتهذب أرواحهم لتعيد الإيجابية المطلقة في التعاملات..

 

ولكن الشخصية القوية توضح مكامن ضعف التعاملات لإصلاحها وبإيجابية مطلقة، وبعدها تغادر مكان تعاملات البشر والمحيط لتنتقل لمحيط غيره ناشرةً بذلك جزءاً من الطاقة والروح الحيَّة التي خلقها الله من أساس الحياة على فطرة سليمة ونهجٍ قويم.. لا نلغي دور الضغوطات والحياة وأثرها على الردود، والعلاج أن يدخل البشر في عُزلة إيجابية ليعودوا إيجابيين للعالم وبِطَاقَةٍ لبقة تعاملاتية وإنسانية ترضي هذا الربَّ العظيم..

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان