الثقافة مسؤولية والتزام تكوين فكري ووضوح منهجي انتصار للفكرة في أبعادها الإنسانية والكونية، لهذا ينتصر المثقف عادة للموضوعية على حساب الذاتية.. إذا ما أردنا تصنيف المثقفين عبر مواقع التواصل الاجتماعي فسوف نصطدم بالواقع الذي وصلت له هذه المواقع فلا نستطيع الحكم على المغردين والكاتبين والناصحين والموجهين عبر تلك الصفحات بالمثقفين لا سيما أن شريحة كبيرة من المثقفين لا يرتادون تلك المواقع.
ما يقلقني إزاء هؤلاء هو كم الترهات والتزوير المنمق بكلمات توحي لمطبليهم من مريديهم الذين يعانون فراغا عاطفيا وثقافيا وفكريا يملؤونه بتلك الترهات توحي لهم بأن صاحبهم ذاك على قدر من الثقافة والعلم والإنسانية. |
أسهل شيء يمكن فعله هو أن تدعي وأن تتقول وتتمنطق وتأخذ الكلام من هذا وذاك وتصبح بنظر المغفلين مثقفا، وكما تعلمون والكل يعلم القانون لا يحمي المغفلين، أعني قانون المغفلين الذين يحسبون الثقافة بالملبس وشراء الكتب وخزنها ومحاولة هؤلاء الناجحه هو بإعطأء مصطلحات يتحير بها المغفل وبعدها يزداد استغفالا بأن صاحب المصطلح لا يمكن الكلام معه، أما المثقف الحقيقي هو السهل في الطرح المنبسط في الحوار الشارح للمعنى المحب للعطاء والانكشاف لا يبخل في المعلومة، والمثقف في أصله بشر يريد أن يصل لدرجة عالية من الفهم والتحليل وليس إلها منزها في طبعه.
كثيرا ما نصادفهم في كتاباتهم التي قد يذيلونها بمحبتي، مودتي، حتى تظن أنك تعيش في مجتمع ملائكي وليس أولئك الأشخاص أنفسهم يمثلون الواقع الذي ينقدونه، بل في كثير من الأحيان يبدو التحايل والتثاقف جليا في نقاشك معهم أو في بعض تعليقاتهم.
ما يقلقني إزاء هؤلاء هو كم الترهات والتزوير المنمق بكلمات توحي لمطبليهم من مريديهم الذين يعانون فراغا عاطفيا وثقافيا وفكريا يملؤونه بتلك الترهات توحي لهم بأن صاحبهم ذاك على قدر من الثقافة والعلم والإنسانية، وكذلك تحايلهم وتطاولهم على المثقفين الحقيقين وتلبيس الحقائق وتلفيق التهم للتاريخ والدين والعادات والثقافات. والأعجب من ذلك أن ذلك المتثاقف يذهب بعيدا في أوهام خياله ويصدق نفسه بأنه أصبح أحد أساطين الفكر وسادة الأدب ليكتب الغثاء كما ومتى وكيفما يشاء.
دعوة للتحاور: هل هذه ظاهرة واضحة بدأت تسود تستحق الوقوف والنظر، أم حالات قليلة وكيف لنا أن نزيلها ونطمس فاعليتها لصيانة مجتمعاتنا إن كانت قد سادت، وهل يمكن تعرية هؤلاء المتثاقفين وكشف زيغهم أم استحال ذلك، وهل في هؤلاء خطر على مريديهم فقط أم على أنفسهم والمثقفين وثقافة بلداننا وشعوبنا بالمجمل.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.