أنا الآن لا أرى نفسي إلا مهاجرا، تاركا أرضهم وذاهباً لأرضي، وما هي أرضي التي أبحث؟ |
إن جل ما أفكر به الآن هو البحث عن ملجأ لي ولعائلتي من هذا البلد الذي لم يعد يدعو للطمأنينة أبدا، ولم يكن بلد سلام مطلقا، وتنازعت به كل الأطياف وكل أصحاب اللحى يهودا كانوا أم مسلمين، يبحثون في أحشائها عما لا يوجد بها، ويدفع ثمن هذا البحث كل شخص عاش بالقرب من حفرتهم الخبيثة.
هنا، حيث الجشع والطمع والظلم والكره والأنانية والمرض، هنا ترى شعبا فارغا محاطا بالعنصرية والانفرادية، ولا أستثني من اتهامي هذا أحداً، حكومة كانت أم شعباً، فالكل يلقي على غيره مكائدهُ، والكل يبحث عن مصالحه وما بين هذا وهذا، بقي عُشر الوطن، وتسيف الاحتلال بالبقية واستملك الأرض والشجر والسماء واشترى القضية، وأخذ كل ما لا يؤخذ، ولكي لا أكون كاذبا، نحن من أعطيناه بإرادتنا وبكامل قدراتنا العقلية، ولا ألوم الاحتلال لأن الأهم له هو تحقيق غير المحقق، لكن ألوم هذا الشعب الذي استنفذ قدراته بالبعبعة الكاذبة والوطنية الفارغة والحزبيه العفنة.
أنا الآن لا أرى نفسي إلا مهاجرا، تاركا أرضهم وذاهباً لأرضي، وما هي أرضي التي أبحث؟ هي تلك التي إذا جلست بها عانقت ترابها واستلقيت بها آمنا بنفسي وجسدي ومالي، هي تلك الأرض التي يراك شعبها إنسانا لك الحق في العيش، وتراك حكومتها أن لرأيك حرية ولاختيارك أحقية.
سأخرج منها مسرعا ولن أنظر للخلف أبدا، خروج النبي لوط من قومه، لكني ومع يأسي وكرهي الشديدين، إلا أنني سأخبر أولادي في المستقبل عن أصولهم الحقيقية، عن الديموقراطية في بلادهم وعن الحرية، عن السلام وعن الدولة الفلسطينية، سأكذب قليلا عليهم لكي لا يقال عني قد خان القضية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.