شعار قسم مدونات

شعب وقضية لن يموتا

blogs - palestine
 
شكل مؤتمر فلسطينيي الخارج فرصة للفلسطينيين في الشتات للخروج من حالة التعطيل التي كانت تفرضها منظمة التحرير ومؤسساتها بتشكيلها الحالي على جزء مهم من الشعب الفلسطيني. ويمكن القول إنه شكل تظاهرة إعلامية مهمة لتأكيد دور فلسطينيي الشتات في القضية الذين فرطت بهم منظمة التحرير لصالح حلول تصفوية أودت بحقوق اللاجئين في العودة إلى الأماكن التي هجروا منها فضلا عن التفريط بالجزء الأكبر من الضفة والقدس وغيرها.

لم يصل المؤتمر إلى حد تشكيل حالة سياسية جديدة للفلسطينيين لمواجهة الدور السياسي السيئ الذي تمارسه قيادة المنظمة تجاه قضايا الشعب الفلسطيني بعمومها وليس قضية اللاجئين فقط، كما أنه لم ينجح في تشكيل حالة شبابية قيادية تحل محل القوى والشخصيات المنضوية تحت لواء المجلس الوطني والتي تعاني من الشيخوخة السياسية والعمرية وتجعل من هذا المجلس عاجزا عن القيام بمهامه الرقابية والتشريعية فضلا عن انتقال الكثير من صلاحياته إلى السلطة الفلسطينية التي عطلت بدورها المجلس التشريعي لفلسطينيي الداخل.

إن تقديم شخصيات في العقد الثامن من عمرها لتتصدر المؤتمر – رغم احترامنا لأهميتها ودورها- يشكل عجزا عن الدفع بالشباب وتقديم حالة منافسة حقيقية في الساحة الفلسطينية تتناسب مع أشواق وتطلعات الفلسطينيين الذين غصت بهم قاعة المؤتمر وجاءوا أفرادا وزرافات من كافة مواطن اللجوء ليشهدوا حدثا قد يشكل لهم أملا جديدا بعد أن نفضوا أيديهم من منظمة التحرير وقياداتها.

لا يمكن التقليل من الحالة الإعلامية التي خلقها مؤتمر فلسطينيي الخارج إذا ما أضفنا إليها الحالة النفسية بملامسة المؤتمر لمشاعر الانتماء والحب لفلسطين والالتقاء في المنفى

ومع ذلك، هاجمت المنظمة المؤتمر مخافة أن يكون مشروعا بديلا عنها، ولكن عقده أرسل رسالة واضحة لقيادة المنظمة أنها لا تستطيع أن تحتكر قضية هذا الشعب وآن لها أن تواجه الحقيقة التي تقول إن سنواتها العجاف في قيادة الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية.

لم يقل المؤتمرون أنهم يشكلون بديلا عن المنظمة بل طالبوا بالاندماج فيها وتصحيح مسارها، وهذا ما لم ينجح في التوصل إليه الحوار الفلسطيني الذي وصل لطريق مسدود، وذلك ببساطة لأن هذه المنظمة ما كان لها أن تحوز الشرعية العربية والدولية بدون أن تقدم الاستحقاقات والتنازلات التي تتطور مع تطور الوضع في الإقليم ويتطور معها تشدد الموقف الإسرائيلي.

إن استمرار الحديث عن إصلاح المنظمة والاندماج فيها لم يعد برنامجا قابلا للتطبيق إلا في إطار استمرار إدارة الخلاف الفلسطيني بين فتح وحماس، وهذه قضية يفترض أنها لا تعني المؤتمرين إلا بقدر المطالبة بها والسير في خطوات أخرى أكثر فائدة وعملية.

وعلى هذا الأساس فإن انعقاد المؤتمر بدون التأسيس لحالة حقيقية على الأرض لفلسطينيي الشتات من مؤسسات ونقابات هو بمثابة وضع العربة أمام الحصان، ويجعل المؤتمر هو حالة إعلامية لا سياسية طالما لم يتم الإعلان عن تشكيل هيئات ومؤسسات في هذا الإطار.

ومع كل هذه الملاحظات التي أوردناها، فلا يمكن التقليل من الحالة الإعلامية التي خلقها إذا ما أضفنا إليها الحالة النفسية بملامسة المؤتمر لمشاعر الانتماء والحب لفلسطين والالتقاء في المنفى للتعبير عن التمسك بالحق الفلسطيني كاملا غير منقوص. فقد شاهدت عائلات فلسطينية بكاملها تحضر المؤتمر، كما لامست مشاعر الفخر والعزة للحاضرين بالانتماء لفلسطين. وهذا كله جيد ومطلوب ويمكن البناء عليه لحالة سياسية ترفض العبث بالحقوق الفلسطيني وتؤكد الانتماء الفلسطيني في الشتات والخروج من حالة الأعداد والتواجد إلى حالة الفاعلية والمشاركة في القضية.

أما وقد تم المؤتمر بهذا الشكل، فينبغي تحويله لحالة سياسية دائمة وأن يكون دوره سياسيا بامتياز من خلال نخبة من الشباب الذين يشكلون حالة حقيقية في الشتات. وهذا هو التحدي الأكبر في المرحلة القادمة، في وقت تسير فيه الأجندات العربية نحو التطبيع مع إسرائيل وطي صفحة القضية والضغط على السلطة الفلسطينية للقبول بهذه الحالة وتهديدها بالشطب والإلغاء أو الاستبدال إن هي رفضت ذلك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.