وبالتالي فجل المغاربة بعد التجربة التي خاضوها وشاهدوا نتائجها لأكثر من عشر تجارب على الأقل، والتي مرت بها الحكومات السابقة أصبحوا موقنين بأنه لا فائدة من أية حكومة تفرزها تلك الأصوات القليلة المتبقية التابعة للأحزاب أو التي حصلوها بطريقة أو بأخرى.. ومن هنا فقد كانت نتائج انتخابات 7 أكتوبر هزيلة جدا إذا ما قارنا عدد المصوتين بعدد المغاربة المؤهلين للتصويت.
وقد أحرز حزب المصباح الأغلبية من عدد المصوتين ويليه حزب الجرار وغيرها من الأحزاب، ولن أدخل في تفاصيل التصويت وغيرها من الإجراءات الانتخابية المتبعة. لكن الغريب في الأمر هو تأخر تشكيل الحكومة لمدة تزيد على أربعة أشهر، وفي هذه الفترة عانى المغاربة الكثير من المشاكل، بحيث لم يتوقف الاحتجاج عبر ربوع أرض الوطن. وخاصة أصحاب الملفات العالقة كقضية 10000 إطار، وقضية الأساتذة المتدربين، وملف إصلاح التقاعد، وملف الإعفاءات الضاربة لروح الدستور وحقوق المواطنة، وغيرها من الملفات الكبرى التي تهم شرائح مهمة من المجتمع. هذا دون أن نذكر الزيادات الصاروخية في المواد الغذائية ونسبة البطالة المتزايدة يوما بعد والتي اعترفت المؤسسات الرسمية بتفاقمها.
هل سيستطيع العثماني أن يعطي حلولا للمشاكل التي يعاني منها جميع القطاعات الحيوية كالتعليم، الصحة، وغيرها في الدولة، مراعيا بذلك المصلحة العليا للوطن، أم أنه سيخطو خطوات سلفه في إثقال كاهل المواطن. |
أمام هذه المشاكل الخطيرة والأزمات التي يعاني منها المغرب والتي تتراكم سنة بعد سنة بسبب الديون الخارجية التي تثقل كاهل المغاربة تم تأخير الحكومة على ما يزيد أربعة أشهر، وهذه الفترة صاحبتها مجموعة من القرارات والمراسيم التي تضرب مجموعة من المكتسبات الشعبية. كمرسوم التعاقد في الوظيفة العمومية على سبيل المثال. مما يجعل المتتبع يتساءل عمن يتحمل مسئوليتها.
وبعد توتر الأوضاع، واختناق الأفق بسبب تراكم الأزمات والمشاكل، تم إبعاد رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، المعين بعد انتخابات 7 أكتوبر، وتم تعيين مكانه العثماني رئيسا للحكومة، والذي ينتمي إلى نفس الحزب، واستطاع بقدرة قادر تشكيل الحكومة في أجل لا يتعدى 10 أيام من ستة أحزاب لا يجمع بينهما شيء سوى المصلحة العليا للدولة، التي عبر عنها رئيس الحكومة.
وهنا نتساءل، ماذا بعد تشكيل الحكومة؟ هل سيستطيع العثماني أن يعطي حلولا للمشاكل التي يعاني منها جميع القطاعات الحيوية كالتعليم، الصحة، وغيرها في الدولة، مراعيا بذلك المصلحة العليا للوطن، أم أنه سيخطو خطوات سلفه في إثقال كاهل المواطن بالقرارات التي لا قبل له بها، كالزيادات في المواد الأساسية، واستقرار الأجور، إن كانت هناك أجور؟ وكيف سيتعامل مع الملفات العالقة التي كانت ضمن المشروع الإصلاحي الذي نادى به الحزب المتمثل في نظرية الإصلاح من الداخل؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح، والتي تحتاج إلى تفكير جاد وصريح، وخاصة وأن الوطن يتشارك فيه الجميع دون تمييز أو إقصاء، سواء للفئة التي تقول بالإصلاح من الداخل بمختلف أحزابها وفئاتها، أو الفئات العريضة التي تقاطع الانتخابات كونهم مقتنعون بأن الاقتراع لا ينتج حكومة قادرة فاعلة كما هو الحال في البلدان الديمقراطية.
وبما أن المواطن هو المركز في المفهوم العام للدولة، تبقى سعادته وهناءه من الأولويات التي يجب العمل على تحقيقها، إذ تعتبر سعادة المواطن من سعادة الدولة، وشقاءه من شقائها. وعندما قصدت سعادته، أي توفير كل أسباب الراحة له بعد بذل الجهد والوسع إلى ذلك، لتعزيز روح الانتماء لديه، وإقناعه بجدوى الانتخابات مجددا، وسينعكس ذلك عليه إيجابا حتى يدافع عنه ويخدمه بكل قواه، كونه الموطن الذي يجد فيه ذاته وتحترم فيه حقوقه. وأما إن شقي فسيشقى معه أهله ومن حوله، وستتفاقم الاضطرابات الاجتماعية التي تطفح على السطح يوما بعد يوم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.