شعار قسم مدونات

أنت امرأةٌ بألوان قوس قزح

A woman looks towards a double rainbow from Putney Bridge in London March 28, 2016. REUTERS/Kevin Coombs
قويةٌ أنت، جريئة واثقةٌ بنفسك لامعةٌ كنجم ولد لتوّه فأضاء شرفات السماء، أنثى فيك الكثير ليقال والقليل ليطال، أعلم أنك ترسمين دربك بحزم وثبات، وأنك لا تتخبطين ولا تتأرجحين كما يتوهمون، أنت الابنة والأم والأخت والرحم من الرحمن، وأنت سيدة المقام بعطائك وانفرادك ونورك تتوهجين فتشرق الأجيال الواثقة من وهج المستقبل القادم ويشرق معها عالمٌ منفردٌ أنت كاتبةُ النص فيه .

إن المرأة هي قوة هذا المجتمع وأساس بنيانه الصلب القوي والنساء شقائق الرجال وهن الشقّ الجميل اللطيف اللّين الذي وصّى به رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- به الرجال، فقال لهم: "استوصوا بالنساء خيراً" فجعلهن الله تعالى قوارير في كنف الرجال، لهن حق الرعاية وإحسان التربية والتحبب في الاهتمام والوصاية عليهن، فتعيش المرأة ابنة في ولاية والدها وإخوتها فواجبهم الإكرام وحسن التربية والرفق معها والإنفاق عليها، ثم تنتقل الى بيت زوجها لتكون زوجةً وأماً فأوصى الله بها الرجال، عليهم واجب المعاشرة الطيبة بالمحبة والرحمة والإنفاق والود في التعامل، فكان للمرأة في كل هذا الخير والتكريم، ورفع شأنها ومنزلتها عند الله -تعالى- فقال عز وجل: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ". وما جعل الله للرجال هذه الدرجة إلا لأنهم قوّامون بالإنفاق والإعالة لزوجاتهم وأسرهم وفي هذا رفقٌ وتحنان بالمرأة ودلاٌلٌ لها.

إذا تتبعنا حال النساء وجدناهن وقعن في فخ الشعارات التي تطالبهن بالوقوف جنباً إلى جنب مع الرجل في ميادين العمل، بل وأصبحت النساء تطالب بالعمل مثل الرجل فلم نفعل هذا بأنفسنا ونحن نعلم أنّا ما خلقنا للعمل المضني المهلك

يؤرقني ما أسمعه وأطالعه دائما عن حرية المرأة ومساواتها بالرجل من حيث العمل وغيره للحظة التي أصبحت أؤمن فعلياً بأن المرأة تسلب حريتها وحقوقها عندما تطالب بها، فكيف لنا نحن معشر النساء أن ننقاد وراء شعارات إعلامية نطالب فيها بأن نكون رجلاً آخر؟ ولماذا نؤمن بأن مساواتنا مع الرجل حرية وانفتاح؟ ألم يخلق آدم أولاً فكان هو الأصل؟ وخلقت حواء من ضلعه فكانت هي الفرع؟ (وخَلَقَ منها زَوجَهَا). ألم يثبت العلم الاختلافات التشريحية والنفسية والعقلية لكلا الجنسين، فاختص الله النساء بإنجاب الأولاد وإرضاعهم، وروى قلوب الأمهات بالحنان والعطف في تربية أبنائهم، أما الرجال فلهم القوامة الشاقة والعمل.

ألم يذكر القرآن في بليغ آياته قول الله: "أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ"، فكان للمرأة حياؤها ورقتها وحليّها وأرائك منزلها تتوسدها في راحة ودلال؟ والدلائل على استحالة المساواة يكتب فيها الأبحاث والكتب، فكيف يعقل أن تطلب النساء حرية المساواة؟! ألا إنها عبودية وذلٌ لها، لا أراها أهلاً له أبداً.

إن الله خلق كل شيء بقدر وكلٌّ ميسرٌ لما خلق له، وإن لله في خلقه لحكمة بالغة وأي اعتداء على فطرة الله في الخلق سيقلب توازن الكون الذي أُسّس عليه فالمرأة لها مكانها الذي يناسب أنوثتها وهو بيتها وهو جنتها التي تؤتي الثمر، ولا يقصد بهذا أن تسلب المرأة أياً من حقوقها التي فرضها الله لها، ولكن أرى أننا لا نعي أحيانا أن المطالبة بعمل المرأة على سبيل المثال يعد انتهاكاً لنا وليست حرية أبدا، للمرأة الحق أن تختار العمل الذي يناسبها ويناسب دينها وعفتها، وأن تجني المال منه، ولكنه لم يجبرها عليه، ولم يجعل للرجل سلطة أن يفرض عليها عملا لا ترغبه أو تقدر عليه، بل هي في ولاية زوجها ومسؤولياته، ولا أدري لم نصرّ نحن النساء أن ننتقص من حقنا وقدراتنا عندما نكلف أنفسنا ما يزيد على قدراتها فنحن نسعى وراء سراب المساواة التي ما خلقنا أساسا لها وإنما هي مظلمةٌ علينا.
 

تقول الكاتبة الإنجليزية أجاثا كريستي: "إن المرأة الحديثة مُغَفَّلة؛ لأن مركزها في المجتمع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم؛ فنحن النساء نتصرف تصرفاً أحمق؛ لأننا بذلنا الجهد خلال السنين الماضية؛ للحصول على حق العمل والمساواة في العمل مع الرجل، والرجال ليسوا أغبياء؛ فقد شجعونا على ذلك معلنين أنه لا مانع مطلقاً من أن تعمل الزوجة وتضاعف دخل الزوج، ومن المحزن أن نجد بعد أن أثبتنا نحن النساء أننا الجنس اللطيف الضعيف، أننا نعود اليوم لنساوي في الجهد والعرق الذي كان من نصيب الرجل وحده".
 

سيدتي أنت امرأة تقدم الكثير وإلا لما كان لك من الأجر أعظمه ومن البرّ أوصله كأمّ ورحم وأخت وابنة، أنت كالغيم الهطول بعطائك وكألوان قوس قزح بقدراتك، فلا تصدقي أبداً أنك ضعيفةٌ بلا عمل وأنت صاحبة أكبر وأهم وأخطر مشروع في الحياة أنت صانعة الأجيال.

وفي هذا قدمت منظمة الصحة العالمية يوما تقريرا مفاده أن كل طفل مولود يحتاج إلى رعاية أمه المتواصلة لمدة ثلاث سنوات على الأقل، و أن فقدان هذه الغاية يؤدي إلى اختلال الشخصية لدى الطفل كما يؤدي إلى انتشار جرائم العنف المنتشر بصورة مريعة في المجتمعات الغربية، و طالبت هذه الهيئة بتفريغ المرأة للمنزل، و طلبت من جميع حكومات العالم أن تفرغ المرأة، و تدفع لها راتبا شهريا إذا لم يكن لها من يعولها حتى تستطيع أن تقوم بالرعاية الكاملة لأطفالها، وقد أثبتت الدراسات الطبية و النفسية أن الحضانات وروضات الأطفال لا تستطيع القيام بدور الأم في التربية، ولا في إعطاء الطفل الحنان الدافق الذي تغذيه به.

وإذا تتبعنا حال النساء وجدناهن وقعن في فخ الشعارات التي تطالبهن بالوقوف جنباً إلى جنب مع الرجل في ميادين العمل، بل وأصبحت النساء تطالب بالعمل مثل الرجل فلم نفعل هذا بأنفسنا ونحن نعلم أنّا ما خلقنا للعمل المضني المهلك، وأن لنا من الأعمال في بيوتنا مع أولادنا ما يزيد أصلا على قدراتنا، فكفى بنا شرف الأمومة، وهذا أكرم الأعمال وأفضلها لنا. أعلم أن الكثير منا أمضين سنوات جامعية طويلة، وأنه بعزيز علينا أن تضيع هذه السنوات دون عمل، ولكن إن التعليم حقنا والعمل ليس بواجب، وإننا مخيرات نعمل في الوقت والمكان المناسبين لنا، فلا نستعجل أمرنا؛ لأن أولادنا بحاجتنا، ونحن إن فشلنا في تربية أبنائنا وقصّرنا معهم فلن نقدم للمجتمع أي أمر نافع، مهما بلغت مكانتنا في العمل.

سيدتي أنت امرأة تقدم الكثير وإلا لما كان لك من الأجر أعظمه ومن البرّ أوصله كأمّ ورحم وأخت وابنة، أنت كالغيم الهطول بعطائك وكألوان قوس قزح بقدراتك، فلا تصدقي أبداً أنك ضعيفةٌ بلا عمل وأنت صاحبة أكبر وأهم وأخطر مشروع في الحياة أنت صانعة الأجيال والأبطال، أنت امرأة أجمل من قوس قزح .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.