شعار قسم مدونات

اجعل من كل يوم مغامرة شيقة

blogs - مغامرة
قرأت اقتباسا عابرا عن الحياة الجامعية، يحث فيه الكاتب على عدم حصر الانتساب للجامعة للحصول فقط على شهادة الجامعة! وحيث يعتقد للأسف غالبية الطلاب أن الشهادة الأكاديمية حصراً هي بوابة الحياة والعمل والنجاح، والحياة الرغيدة في المستقبل.. ثم يأتي المستقبل بكل ما فيه من أعباء مادية وصعوبات حقيقية ومهارات مفقودة ومواجهات غير متوقعة تجعل الندم أمراً مؤرقاً!

نحن في عصر التكنولوجيا السريعة، إن لم ترغب في السباق فستموت جوعاً! إن القرن الواحد والعشرين يتطلب منا مهارات حقيقية وثقافة شاملة وسيرة ذاتية شيقة كي نجد من يمد لنا يد العون موقناً أننا أشخاص نعلم جيداً إلى أي طريق نذهب وإلى أي مدى نطمح! وهنا تكمن المعضلة، أن تكون طالباً مكتفياً لا ترغب بتعلم أي حرف يدور خارج نطاق تخصصك أو إتقان مهارات ثانوية قد تكون السبب في نجاتك عند الحاجة.

ما دمت في مرحلة التعلم، من الواجب عليك أن تخوض التجارب وألا تخاف من الفشل! كيف يمكن للباحث أن يجد إبرة في كومة قش ما لم يفكر أو يجرب! كيف يمكن لك أن تجد شغفك الحقيقي وأنت تجلس في انتظار القدر، أن يجود عليك بإجابات مباشرة! إن الله في قرآنه حث أعظم البشر على العمل من أجل الجزاء ولم يمنحهم الثواب مسبقاً!

يخشى غالبية البشر من التجربة، خوفاً من الإخفاق من العواقب من نظرة المحيطين وسخريتهم، من اهتزاز ثقتهم بأنفسهم، ومن الاحتفاظ بأيام مؤلمة في مخزون ذاكرتهم.. ولكن هذا الخوف غير حقيقي إنه خوف وهمي، وماذا سيحصل لو أنك حقاً قد فشلت! لن تشكل مصدر إزعاج كبير بالمناسبة! كما أن الشمس ستبقى تشرق من الشرق من جديد ولن تتغير من أجل إخفاقك! فلا تقلق! على الأقل ستكون قد تعلمت درساً جديداً يجعلك في غنى عن خوض غمار هذا المضمار مرة أخرى!

يغيب عن كثيرين مفهوم التعددية الثقافية! إيجاد أكثر من مهارة وحب وموهبة والعيش وفقها، حيث ينادي كثيرون بأهمية التخصيص، ولكن الحياة أوسع من أن تحصر في حلقة واحدة أو تتلون بلون واحد!

تقول إحدى المقولات المشهورة في مجال العمل: !Fail fast try fast again.. أي جرّب بسرعة وافشل ثم جرب مرة أخرى! نحن الطلبة في مرحلة مذهلة تتاح فيها جميع الخيارات والأنشطة في كافة المجالات وعلى جميع الأصعدة.. سيكون من الخطأ ألا نستغل هذه المرحلة جيداً متقاعسين متكاسلين راضين بحياة تقليدية وعادية لا يثمر فيها أي شيء أخضر، وليس في ماضيها أي ذكرى خريفية أثيرة.

ما دمت تحت جناح والديك، تملك مالاً في جيبك ولديك صحة جيدة فليس من حقك أن تخاف! لأنك بعد أن تنفصل عنهما وتبدأ حياتك المستقلة ستتقلص خياراتك، وسيضيق وقتك ولن تكون موضع ثقة بين محيطك وأنت كالسائح الضائع بلا خريطة! ستكون مهمة البقاء ولقمة العيش جل أهدافك ولن تلتفت لما دونها.

تذكر أن عمر الشباب الذي تنعم به هو عمر التجربة والخطأن ليس عمر الخوف والنوم.. إن رغبت بحياة عادية أو أقل من عادية، فلا تكمل المقال أرجوك وتابع حياتك الرتيبة.. إن المستقبل في أيدي الساعين إليه لا في النائمين فيه… تخيل أن تموت ولم تناضل من أجل فكرة أو تضع بصمة أو تلمس لوحة أو تدندن بأغنية!

تخيل أن تموت دون أن تجد السبب الحقيقي من خلقك أنت تحديداً، لو وضعنا احتمالية إنجابك جينياً والتي لا تتعدى العشرة بعد ألف صفر وفاصلة! يجب أن تدرك أنك لم تخلق عبثاً وأن الله حين أراد قدومك أراد منك مهمة عظيمة لن تجدها أو تنجزها ما لم تعش الحياة بكل تفاصيلها ونجاحاتها وإخفاقاتها.

تذكر أن الكثير من الأفكار العظيمة ماتت في أجساد الجبناء.. لذلك خذ بيد نفسك ولا تخف من التجربة.. اجعل من كل يوم مغامرة شيقة في حياتك.

وسع دائرة تفكيرك، آفاق طموحك وتطلعاتك، دع لأحلام اليقظة أن تغزوا يومك، وتظهر في نومك وتسبح في بحر عقلك وتغرقك! إياك أن تكون محدود الفكر، متحججاً بالظروف والمجتمع، قاذفاً اللوم على محيطك وأوقاتكن وغياب دعمك وقلة وقتك! جميع الذين وصلوا قد عاقهم القدوم ولم يرحب بهم! تذكر أنه لن يصنعك أحد، ما لم تصنع نفسك وتكتب قصتك! 

يغيب عن الكثير مفهوم التعددية الثقافية! إيجاد أكثر من مهارة وحب وموهبة والعيش وفقها، حيث ينادي الكثير بأهمية التخصيص على العموم، ولكن الحياة أوسع من أن تحصر في حلقة واحدة أو تتلون بلون واحد!

كان من الممكن أن يخلق الله طعام واحدا ولونا واحدا وشجرة واحدة، وحيوانا واحدا وكوكبا واحدا ويدعنا نعيش ونتعايش! ولكنه خلق الأطعمة والألوان والأشجار والحيوانات والمنظومات الكونية الهائلة كي يرسخ في عقولنا معنى التنوع والاختلاف، وتقبل التباين بين الأشياء! كي يجعل مهمة اختيار ألواننا المفضلة تتعدى اللون الواحد وتفيض، مدركين أن اختياراتنا المفضلة في الحياة عندما نكبر ستتجاوز شغفاً واحداً وتفيض!

إن الخوف ليس مبررا لعدم المحاولة، جميع الذين جربوا لم يناموا ليلهم من القلق ولكنهم علموا أن قلقهم من نتائج هذه التجربة أجمل بكثير من الندم على عدم خوضها.. تذكر أن الكثير من الأفكار العظيمة ماتت في أجساد الجبناء.. لذلك خذ بيد نفسك ولا تخف من التجربة.. اجعل من كل يوم
مغامرة شيقة في حياتك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.