إلى عاطف نجيب، إلى أطفال غُيِّبوا وراء الشمس، إلى كل صرخة لهؤلاء تحت ضرب السياط والكرابيج، قلع الأظافر والصعق بالكهرباء، إلى أهل درعا يريدون أطفالا لا يفهمون شيئاً، لكنهم في الحقيقة فهموا كل شيء.. إلى حمزة الخطيب.. الطفل الصغير الكبير، والشهيد المعجزة..
اعتقل حمزة الخطيب في 29/4/2011.. في مظاهرة خرجت من المنطقة الشرقية في محافظة درعا، نصرةً لأهل درعا البلد المحاصرة بالدبابات والآليات الثقيلة، بغير ماء ولا كهرباء ولا أيّة وسيلة للحياة، في مظاهرة خرجت بأغصان الزيتون وأكوام الخبز بهدف فك الحصار عن السكان في درعا البلد.. قام النظام على إثرها بارتكاب مجزرة مساكن صيدا في 29/4/2011.. والتي راح ضحيتها المئات من أبناء درعا العزل بين شهيد ومعتقل وجريح..
إلى أطفال الحولة، إلى شهداء الغوطة، إلى الثكالى واليتامى.. إلى كل برميل ألقوه ليخيفونا فما قتلوا غير الخوف فينا. |
إلى هتافات الجيل الذي أدرك أن لا شيء أغلى من كرامته، إلى صرخات الحرية في الميادين المشتعلة، إلى دفاتر المذكرات التي بدأت تستقبل أولى إرهاصات الوعي واليقظة، إلى كل المبادئ التي تبناها أبناء الثورة وعقولهم صفحات من البياض..
إلى الصوت الممتد كسهم من نار، من درعا في أقصى الجنوب إلى حلب في أقصى الشمال مروراً بمعشوقة السوريين حمص، عاصمة السوريين دمشق، إلى ريف دمشق، إلى الرقة، إلى بانياس الجميلة، إلى اللاذقية، إلى دير الزور العظيمة، إلى حماة الجريحة، إدلب الخضراء، إلى كل بقعة على أرض سوريا، إلى الصوت الواحد والهدف الواحد، إلى كل هتاف رددنا فيه "واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد"..
إلى أول رصاصة اخترقت جسد حسام عيّاش، إلى أخرى أودت بمحمود جوابرة، إلى اليد التي اختطفت ابتسامة ثامر الشرعي من على مقعد الدراسة، إلى قصيدة طل الملوحي التي غيبتها لسنين عجاف وما زالت.. إلى أول مرة رددنا وراء سميح شقير "طلعت هالشباب يمّا، الحريّة عالباب يمّا، طلعوا يهتفولا.."
إلى صوتنا الواحد "إلّي بيقتل شعبو خاين"، إلى مظاهراتنا الطلابية، إلى سيل الرصاص الحي المنهمر على أعوادنا الغضة.. إلى طارق الأسود، إلى غياث مطر، إلى عرّاب السوريين الشهيد مشعل تمّو، إلى باسل شحادة.. إلى أنس الشغري، الدكتورة رانيا عباس، إلى العيون المعلقة في شراقة المهجع 27، إلى شهداء مجزرة حماة..
ثورة الجيل الذي استيقظ ليستعيد ويعيد، ثورة الكرامة ودفع الظلم والظلام.. ستّةُ أعوامٍ على الثورة السوريّة، "ولسّا بدنا حريّة". |
إلى والد صديقتي الذي خرج ولم يعد، إلى دموعها عليه كل ليلة، إلى مخاطبتها لصورته خفية.. إلى أطفال الحولة، إلى شهداء الغوطة، إلى الثكالى واليتامى.. إلى كل برميل ألقوه ليخيفونا فما قتلوا غير الخوف فينا.. إلى علاء ومحمد، إلى منصور شحادة، إلى جورج سمارة.. إلى أم صالح التي ما زالت تنتظره على الرغم من عودته إليها جثةً هامدةً.. إلى شهداء الهجرة والاغتراب، إلى أرواح البحر، إلى الدموع والدماء.. إلى البكاء وترديد الشهادة تحت سطوة القصف الظالم.. إلى التحمل والصبر، إلى كل تنهيدة خرجت ولم تعد..
إلى حرائرنا، إلى معتقلاتنا، إلى العيون التي لا تنام.. إلى كل حلم معلّقٍ في خيمةِ لجوء.. إلى رجال الخنادق، إلى رجال القبعات البيضاء.. إلى كل الذين حضروا المشهد الذين غابوا عنه.. ستةُ أعوام من الظلم والقهر، ستّةُ أعوام من الموت والدمار، ستّة أعوام ولازلنا ننتظر الثورة بصفائها ونقائها، بأياديها الأولى، بحناجرها الصادقة، بالوحدة وبالحرية، بالقلب الثابت المؤمن..
ستة أعوام وما زلنا نريد سوريا دولةً حرةً، ديموقراطيةً، مدنية، لكل السوريين، بكافة أطيافهم وأفكارهم ومعتقداتهم.. ثورتنا، ثورة الإنسان في المقام الأول، وثورة المبادئ الصادقة في كل مقام.. ثورة الجيل الذي استيقظ ليستعيد ويعيد، ثورة الكرامة ودفع الظلم والظلام.. ستّةُ أعوامٍ على الثورة السوريّة، "ولسّا بدنا حريّة".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.