شعار قسم مدونات

رفقا بالقوارير

blogs - woman
في اليوم العالمي للمرأة يحتاج الناس إلى استعراض حاجيات المرأة وحقوقها في النظام الاجتماعي الإسلامي، وما كفلته لها الدساتير الدولية والوثائق العالمية، فإذا نظر الإنسان في هذه المكتوبات الدينية والبشرية، عليه أن ينظر في المجال الذي ينقص المرأة أكثر، فأكثر، سواء باسم الدين أو باسم العادات والتقاليد المجتمعية، وعندها سيكتشف الناظر أن أخطر مجال تهضم فيه حقوق المرأة هو فقرها الدائم للرفق، سواء بدعوى أنها كائن حساس لطيف، أو بدعوى أنها صغيرة وضعيفة.

وسواء بالحكم أنها أم أو أخت أو زوجة أو بنت، فهي إن كانت مثقفة ومتعلمة فإنها تحن إلى الرفق أكثر وتشكو دائما من قلة الرفق بها في مجال العمل مهما كان مجال عملها، وهي إن كانت أما فشكواها دائما من فقدانها للرفق من أبنائها ومن يجب عليهم برها وحسن رعايتها، وإذا كانت زوجة وأما للأطفال فهي أحوج ما تكون للرفق بها، وهي تشكو دائما من نقص ذلك عندها سواء من الزوج أم من الصغار.


إذا فما هو الرفق؟ فالرفق هو لين الجانب، والتلطف في الأقوال والأفعال، وهو ضد العنف والتعسف. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْر كله) هذا الحديث على العموم، وجاء بخصوص المرأة من الأمر بالرفق، ما يكفي لإقناعنا بوجوب الرفق بها في يومها العالمي، وفي كل يوم، لأنها مشبهة عند العرب بالقوارير التي تتأثر سريعا بأي حركة غير رفيقة، وإذا وقعت وقع لها من التلف ما لا يمكن جبره، والمراد بذلك المحافظة على خاطرها، واستعمال أساليب الرفق معها، فقد قال الشاعر: 
إن القلوب إذا تنافر ودها  …..  مثل الزجاجة كسرها لا يجبر.


كان صلى الله عليه وسلم لا يرد طلبا لامرأة يمكن أن يلبيه لها، وكان حثه على حسن عشرة النساء وبذل الصداق لهن والترغيب في الإحسان إليهن بالنفقة والكسوة، حتى قال: ( خياركم خياركم لنسائهم)

وقلب المرأة يجب شرعا ومروءة أن يحافظ عليه، لأنها كما قالت العرب : (عمائم الكرام ) وهذا كناية عن علو منزلتهن وشرف مكانتهن حيث إن موضع العمامة أعلى الهامة.. وكان النبي صلى الله عليه وسلم رفيقا بالمرأة، سواء كانت زوجة أم بنتا أم غير ذلك، فعرف في الكتب الصحاح تقديره لأمنا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وكثرة الثناء عليها، ورعاية خواطرها في حياتها والبر بصواحبها بعد مماتها.

ومعلوم رفقه ببناته وسعيه في جلب خواطرهن، فكان يقوم من مجلسه لاستقبال فاطمة ويأخذ بيدها ويقبلها، رفقا بها وتأنيسا لخاطرها، ويقف لعائشة رضي الله عنها للتفرج في اللعب يوم العيد ويصبر على رغبتها في طول المشاهدة لتلك الحركات التي يمارسها الأحباش وتستمع بحضرته إلى الجواري وهن يغنين بالأشعار، ويسابقها وهو قد تجاوز الخمسين، كل ذلك رفقا بها.


وعالج صلى الله عليه وسلم كثيرا من عادات العرب السيئة الموروثة من الجاهلية التي لا تعرف الرفق، فحمل صلى الله عليه وسلم أمامة بنت ابنته على عاتقه وصلى بها أمام الناس ليعرفهم برفقه بالمرأة، ويخفف الصلاة وقد دخل فيها ناويا إطالتها رفقا بالمرأة إذا سمع بكاء صبيها، ويقف للمرأة حتى يسمع طلباتها ويسارع في تلبية حاجتها، ويخاطب المرأة العائدة من مناسبة فرح قائلا لها هي ومن معها، والله لأنتم من أحب الناس إلي، ويسمع بنات صغيرات يغنين: نحن بنات من بني النجاري.. يا حبذا محمد من جاري، فيقف لهن ويخاطبهن قائلا: والله إني لأحبكن، وهذا اللفظ من أرفق الألفاظ المحببة لروح المرأة وقلبها وتحب سماعه من كل أحد.


وكان صلى الله عليه وسلم لا يرد طلبا لامرأة يمكن أن يلبىه لها، وكان حثه على حسن عشرة النساء وبذل الصداق لهن والترغيب في الإحسان إليهن بالنفقة والكسوة، حتى قال: ( خياركم خياركم لنسائهم) وقال لمن يضرب امرأته: ( لا تجدون أولئك خياركم) وقد أذن للمرأة أن تخرج لحاجتها وتشرف على أعمالها وترعى أموالها وهي في زمن عدتها، إذنا صريحا في الصحيحين وغيرهما.

فلا تعتدوا على شرفها، وصونوها عزيزة، ولا ترسلوا عليها الصواعق المحرقة من الطائرات المقاتلة لتقتلها وتقتل أولادها بين يديها، ولا تسجنوا عنها زوجها أو ترملوها، وتجنبوا إخراجها مشردة من وطنها، لتفقد الأمن والحياة الكريمة في ظل عشها الذي درجت فيه، ولا ترهبوها في بيتها حتى تتركه للمخيمات البائسة، ثم تتكلمون عن يوم المرأة فهل تركتم لها يوما لتتشرف فيه بنفسها أو تسعد بمن تسعد به من زوج أو ولد وأخ وخال..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.