شعار قسم مدونات

"ماخفي أعظم" يقلّب مواجع اللبنانيين

برومو ما خفي أعظم- عبرا.. من أطلق الرصاصة الأولى؟

رغم مرور قرابة أسبوع على عرض قناة الجزيرة لبرنامجها الاستقصائي "ماخفي أعظم"، إلا أن ردود الفعل على ما تمّ عرضه مازالت تتوالى. سعى البرنامج للإجابة عن سؤال من أطلق الرصاصة الأولى في أحداث عبرا، هذه الأحداث التي شهدتها مدينة صيدا جنوب لبنان قبل أربع سنوات بين الجيش اللبناني من جهة ومناصري الشيخ أحمد الأسير من جهة أخرى.
 

قبل ساعات من عرض البرنامج ساد اللبنانيين الترقب والحذر. يعود الترقب إلى أن الجميع ينتظر ما ستقدمه قناة الجزيرة من معلومات تدعم ما يؤمن به جميع اللبنانيين من أن المعارك التي اندلعت في عبرا كان لحزب الله وسرايا المقاومة التابعة له دور أساسي فيها. أما الحذر فمرده إلى مخاوف من حصول طارئ يمنع اللبنانيين وتحديداً أبناء مدينة صيدا من مشاهدة البرنامج، مخاوف تمت ترجمتها بضغط مورس على مؤسسات "شركات الستايلات" التي تقدم في لبنان خدماتها التلفزيونية لحذف قناة الجزيرة من قائمة القنوات التي تقدمها لزبائنها. لكن هذه المساعي باءت بالفشل بعد انتشار رابط البث الحي لقناة الجزيرة على شبكة الانترنت.
 

هيئة العلماء المسلمين من جانبها أصدرت بياناً استندت فيه إلى ما ورد في برنامج "ماخفي أعظم" لتجدد المطالبة بالإفراج عن الموقوفين الإسلاميين، ولتطالب السلطة اللبنانية بالتحقيق بالمعلومات والصور وشهادات الأهالي.

ردود الفعل على ما تضمنه البرنامج لم تتأخر، ففي صبيحة اليوم التالي أصدر العميد شامل روكز بياناً أشار فيه إلى أن ما نقل عنه في "ما خفي أعظم" ليس دقيقاً. ففي حديثه مع فريق عمل البرنامج الذي رفض تصويره أكد روكز مشاركة حزب الله في المعارك، وأكد كذلك ضرب وإهانة وتعذيب عدد من الموقوقين من جانب عناصر من الجيش اللبناني، وأكد أيضاً أنه رفض وساطة لإنهاء الاشتباكات. ما صدر عن روكز لم يكن مفاجئاً بل ربما كان منتظراً. فهو صهر رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو يتحضّر لدخول الحياة السياسية من بوابة الانتخابات النيابية بعد إحالته للتقاعد، والتصريحات التي أدلى بها تسيء لصورة الجيش وتؤكد كذب السلطة اللبنانية حول نفي مشاركة حزب الله في المعارك.
 

هيئة العلماء المسلمين من جانبها أصدرت بياناً استندت فيه إلى ما ورد في برنامج "ماخفي أعظم" لتجدد المطالبة بالإفراج عن الموقوفين الإسلاميين، ولتطالب السلطة اللبنانية بالتحقيق بالمعلومات والصور وشهادات الأهالي التي تؤكد ضلوع حزب الله والميليشيات التابعة له في أحداث عبرا.
 

أما الجيش اللبناني، فعِوض أن يقدم روايته لما حصل، أصدر بياناً حذر فيه من استخدام الكاميرات الطائرات وطلب ممن يريد استخدامها الحصول على إذن مسبق من قيادة الجيش. وكان واضحاً أن هذا البيان عكس استياء المؤسسة العسكرية مما تضمنه برنامج الجزيرة، وهي لم تجد طريقة للتعبير عن هذا الاستياء إلا من خلال الإشارة للكاميرات الطائرة التي استخدمها فريق "ماخفي أعظم" خلال عمله الاستقصائي في لبنان لتصوير المنطقة التي شهدتها المعارك بين الجيش اللبناني وجماعة الشيخ أحمد الأسير.
 

بدوره الشيخ ماهر حمود وهو أحد الذين ظهروا في البرنامج كمؤيد لحزب الله فقد أصدر بياناً لم يستطع فيه إنكار ما قاله كما فعل شامل روكز، فالمقابلة مسجلة بالصوت والصورة، وإنما اكتفى بالإشارة إلى أن فريق البرنامج اجتزأ حديثه وركز على جوانب بعينها، فهل كان يتوقع الشيخ حمود أن يتم عرض المقابلة التي أجريت معه كاملة؟!.
 

"ماخفي أعظم" شكل مناسبة لتذكير اللبنانيين بسياسة الاستهبال والاستغباء التي تمارسها السلطة اللبنانية بكافة أجهزتها بحقهم، ويعزّز شعور الغبن والظلم لدى شريحة واسعة من اللبنانيين.

ربما لم يأت "ماخفي أعظم" بجديد فيما خص المعلومات التي تضمنها حول أحداث عبرا. لكنه نجح بجمع الأدلة والقرائن التي تشير إلى ضلوع حزب الله في إشعال فتيل الاشتباكات بين الجيش اللبناني ومناصري الشيخ أحمد الأسير، وقدم هذه الأدلة في سياق منطقي ومتسلسل أعطى المشاهد صورة أكثر وضوحاً، وقدّم لمن يعنيهم الأمر أدلة تمكنهم -إذا أرادوا- من متابعتها والوصول إلى نهايات لها.
 

الجانب الذي لايقل أهمية هو أن برنامج "ماخفي أعظم" أعاد إلى الواجهة المَظْلمة التي يعاني منها عشرات الشبان ومن خلفهم عوائلهم الذين يتعرضون للملاحقة والاعتقال والتضييق والتعذيب منذ قرابة أربع سنوات بتهمة الانتماء لجماعة الشيخ أحمد الأسير، في ظل رفض الأجهزة الأمنية والقضائية التحقيق في احتمال أن ما حصل في منطقة عبرا عصر ذلك اليوم، هو فخ نجح المتضررون من اتساع ظاهرة الشيخ أحمد الأسير من إيقاعه به والتخلص منه. "ماخفي أعظم" شكل مناسبة لتذكير اللبنانيين بسياسة الاستهبال والاستغباء التي تمارسها السلطة اللبنانية بكافة أجهزتها بحقهم، ويعزّز شعور الغبن والظلم لدى شريحة واسعة من اللبنانيين.