شعار قسم مدونات

صداع في رأس السي آي إيه؟!

blogs - استخبارات
استغلال الخلل في الحماية الإلكترونية سلاح ذو حدين، وهذا ما كشفته الوثائق المسربة التي نشرها موقع ويكيليكس الثلاثاء 7 مارس 2017، ويبلغ عددها 8000 وثيقة والمنسوبة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، وعلى ما يبدو أن هذا الموقع لم يعد فقط يمثل مصدراً للأسرار المحظورة بل ويفرض تحديا خطيرا لأسطورة الـ سي آي إي، ولـ هيبة الولايات المتحدة التي اهتزت صورتها ومصداقيتها كثيراً بعد نشر مئات الآلاف من الوثائق المتعلقة بأسرار وكالة المخابرات المركزية والخارجية الأميركية والبنتاغون.

الفضيحة الجديدة التي كشفها ويكيليكس تظهر مدى قدرة المخابرات الأميركية على استغلال 24 ثغرة أمنية لاختراق تطبيقات الدردشة والهواتف الذكية، بل والسيارات والأجهزة الطبية وغيرها، بالاطلاع على محتوى الرسالة، قبل أن يبدأ تشفيرها، وحتى الوتساب وتيليغرام، وحتى (Signal) وشبكة التدوين المصغر الصينية (Weibo) وأجهزة التلفاز، بحيث توهم المستخدم أنه تم إطفاء الجهاز لكنه يبقى في وضعية الاستعداد، ويتحول إلى أداة تجسس على غرف المعيشة من خلال تسجيل الصوت، بالإضافة إلى إمكانية تفعيل المايكروفون أو الكاميرا في الهاتف أو الحاسب اللوحي عن بعد، والحصول على معلومات عن الموقع الجغرافي وتسجيل المكالمات الصوتية والرسائل النصية بدون علم المستخدم.

من يحكم العالم اليوم وبالأمس هو الأكثر تقدم علميا وتقنيا، وهذا الاحتكار لا تحكمه أخلاق ولا قيم ولا تحرسه عقيدة، لذا يسعون لتقويض فرص امتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا.

وقد كان أول تكليف أمام المدير الجديد لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مايك بومبيو أثناء جلسة التصديق قبل شهرين تقريبا، هو تقييم استعداد الولايات المتحدة في مجال الإنترنت، وقال بومبيو لأعضاء لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ: أمامنا كمية كبيرة من العمل، مؤكداً أنه لا يوجد سبب يجعلهم يتوقعون أن هذا التهديد سوف ينخفض، وأن على الحكومة كلها العمل من أجل تحقيق أمن إلكتروني أفضل للبنية التحتية الوطنية.

يبدو أن شكل الصراع بين أميركا وروسيا أخذ شكلا آخر، فقد قال جيمس روبن الوكيل السابق لوزارة الخارجية الأميركية في مقابلة مع (CNN): المهم الآن ليس كيفية تسرب الوثائق بل محتواها، الهدف الروسي واضح جدا، وهو ضرب مصداقية النظام الديمقراطي الأميركي؟ مضيفا أن روسيا والكرملين جازفا بالدخول في حرب مباشرة من خلال التدخل بعمق في النظام الأميركي وتهديده، والأمر لا يتعلق فقط بالآثار الإلكترونية للقرصنة وإنما بأدلة ومعلومات أخرى، مؤكداً أن التسريبات لا تدل على أن روسيا لم تتورط في عمليات القرصنة بل هي تدل على أن ويكيليكس تريد أن تقوّض الأمن الأميركي!

من يحكم العالم اليوم وبالأمس هو الأكثر تقدم علميا وتقنيا، وهذا الاحتكار لا تحكمه أخلاق ولا قيم ولا تحرسه عقيدة، لذا يسعون لتقويض فرص امتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا، لأنه كلما صار العالم من وجهة نظرهم أكثر استهلاكا لمنتجاتهم صار أكثر اعتمادا وتبعية للهيمنة الأميركية وخادماً للغرائز الأميركية التي يريدون فرضها على الآخرين تحت مسمى نمط الحياة الأميركي.ش

يكشف نشر هذه الوثائق عن طبيعة حرب القرصنة الإلكترونية التي لم نلتفت لها حتى اليوم في عالمنا العربي رغم تحول حياتنا بالتدريج للاعتماد على التقنية الحديثة؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.