تجتمع نساء الحي زائرات، أو بالأحرى واعظات، تقول إحداهن: "يابنتي الوحدة مالا غير زوجها وولادها"، وتهمس في أذني أخرى: "بكرا لتعلقي شهادتك بالمطبخ"! وأنا أنظر إليهن ولسان حالي يقول ماذا فعلت لهن؟!
كل ما نسعى إليه نحن بنات المجتمع العربي، الوعي الكافي في قضايا الخطبة، والزواج حل وسط، بدون عرض للفتاة على أنها سلعة فتهرق كرامتها ويقلل من شأنها، وبدون أن تقع فريسة حب مزيف يعلقها بحبائل الأوهام. |
ومن هنا نبدأ.. الخطاب كثر، ومن كل الأشكال والألوان، وكالعادة نستقبل الخاطب وأهله فتبدأ الأم باستعراض مواصفات ابنها الخارقة التي ربما هو لا يعرفها عن نفسه! أنظر بطرف خفي إلى الشاب المسكين الذي ربما كان مثلي قد أرغم على المجئ، لأقرأ بين قسماته العجز والتيه! ربما يحدث ويحدث كثيراً أن تنجح تلك الصفقة وتتوج كأجمل قصة حب وزواج وبناء عائلة نموذجية.
ولكن في الغالب الأعم ما يحدث هو أن تفشل تلك الصفقة، فتضيع كرامة البنت بين عرض ورفض، لا شيء يذكر، فقط لشكلها أو مستوى جمالها.. تقول لي صديقة وقد مضى على زواجها عدة سنوات وكل ما في حياتها ينم بالسعادة والهناء: "لا تتزوجي إلا عن حب"، أبتسم وتشع عيناي لبريق تلك الكلمة، نعم هذا ما أريد "الحب".
وفقت بعمل في شركة لا بأس بها، شباب وشابات في مقتبل العمر، جو منفتح وعلاقات كثيرة غير متناهية! أسأل إحدى زميلاتي: ما الذي يربطك بفلان؟ فتقول وفرحة عامرة تغمرها وكأنها فازت بجائزة نوبل: "منحب بعض كتييير"! تعتليني دهشة واستغراب وأشعر بدوار في معدتي وثقل في لساني، يا الله! كيف لعلاقة مفتوحة وأحاديث كثيرة ولعب وهزل وسهرات وملاطفات ومغازلات أن تتم دون عقد أو خطبة؟!
أهذا ما يسمى بالحب الذي نحيا للبحث عنه؟! إذا أردت أن أتزوج عن حب تحررت من مبادئي وأخلاقي وعقائدي الدينية، وجعلت من قلبي الغالي شريعة ماء يسقي كل مار ليتركني وراءه أعالج الجفاف والعطش؟! أذلك هو الحب المنشود؟ علاقة تجريبية غير محددة الملامح، مضيعة للوقت ومفسدة للأخلاق ؟!
كل ما نسعى إليه نحن بنات المجتمع العربي الوعي الكافي في قضايا الخطبة، والزواج حل وسط، بدون عرض للفتاة على أنها سلعة فتهرق كرامتها ويقلل من شأنها، وبدون أن تقع فريسة حب مزيف يعلقها بحبائل الأوهام، ويسفك حياءها ويطفئ بريق قلبها. الزواج قسمة ونصيب إن توسطت، والحب بحث وتنقيب إن تعففت وصدقت.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.