شعار قسم مدونات

المثقف المشتبك

blogs - basel
لا تستغرب كثيراً عندما تستمع لهذا المصطلح، فأنت تعبر عن فلسطيني ثائر، ففي فلسطين يرتبط كل شيء بالمقاومة والتضحية والفداء، فكان لا بد أن يكون المثقف الفلسطيني مختلف عن أي مثقف أخر، فالمثقف الفلسطيني لا يكتفي بالكلمات والتنظير الفكري الخالي من الأفعال، بل تكون الافعال مقرونة بالكلمات والتنظيرات الفكرية.

لم يكتف الشهيد باسل الأعرج بالكلمات والتنظيرات الفكرية، بل ترجمها لأفعال ورصاصات تخترق قلب وعقل المحتل الصهيوني الغاصب، الذي لا يكف البتة عن محاولاته المستميتة من أجل طمس الهوية الفلسطينية، وكل ما يعبر عن الشعب الفلسطيني. طاردوه لعام كامل في كل مكان، من أجل إسكات صوته وقلمه وسلاحه الذي أرعبهم، بالرغم أنه يقاتل وحيداً ويدافع عن أبناء شعبه ووطنه، ورغم كل الخذلان الذي وجده من أجهزة السلطة الفلسطينية التي كانت تساعد الاحتلال في البحث عنه! بدلاً من حماية المثقف المشتبك الذي سطر برصاصاته وكلماته أروع أمثلة التضحية والفداء، وليبقى رمزاً لكل ثائر ومثقف فلسطيني يريد الدفاع عن امته ووطنه.

نعم، استطاعوا اغتيال جسد باسل، ولكنهم لم ولن يستطيعوا اغتيال كلماته وأفكاره، التي باتت تتردد في عقل وقلب كل فلسطيني، لتدفع أبناء الشعب الفلسطيني لمزيد من التضحية والفداء مقتديين بالمثقف المشتبك، الذي روى بدمائه أرضه وأنار بكلماته عقول أبناء شعبه، لتكون دمائه وقوداً لكلماته التي أشعلت روح التضحية والفداء في قلب كل حر وشريف من أبناء شعبنا الفلسطيني، الذي قدم ومازال يقدم للعالم خيرة أبنائه وشبابه الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل تحرير أرضهم ووطنهم من الاحتلال الصهيوني الغاصب.

رحل باسل شهيداً إلى العلا بعد اشتباك استمر لساعتين، يقاتل وحيداً طائرات ودبابات وجنود الاحتلال بسلاحه الرشاش مع كلماته التي كانت أقوى من الرصاص، لم يستسلم أمام الجيش "الذي لا يقهر".

لقد حاولوا بكل قوتهم إسكات صوت باسل وتشويه أفكاره من أجل طمس الحقيقة، ولكنهم بدلا من طمس أفكاره جعلوه رمزاً يحتذى به، ونبراساً يضيء طريق المقاومين المدافعين عن وطنهم وشعبهم وأرضهم، أمام عدو لا يعرف إلا لغة واحدة، لغة القوة، ولا يعترف بغيرها. لقد قالها باسل صريحة لا تحتمل أي تأويل أو تحريف "إذا بدك تصير مثقف لازم تصير مثقف مشتبك، وإذا بدكاش تشتبك ما في فايدة منك ولا من ثقافتك" هذا شعار باسل الأعرج في حياته الذي أعلن عنه ودفع حياته ثمناً له.

 لم يكتف بالشعارات، بل ترجمها لأفعال على الأرض، وروى بدمائه الزكية الطاهرة أفكاره، التي كان ينادي بها دون خوف من بطش الاحتلال، أو أجهزة السلطة الفلسطينية التي اعتقلته لعدة أسابيع، قبل أن تفرج عنه بعد إضرابه عن الطعام مع ستة من إخوانه المعتقلين في سجون السلطة.

رحل باسل شهيداً إلى العلا بعد اشتباك استمر لساعتين، يقاتل وحيداً طائرات ودبابات وجنود الاحتلال بسلاحه الرشاش وبكلماته التي كانت أقوى من الرصاص، لم يستسلم أمام الجيش "الذي لا يقهر"، بل حارب وقاتل إلى أخر طلقة في سلاحه الرشاش، وإن نفذت رصاصاته فكلماته وأفكاره لا تنفذ، بل أصبحت في عقل كل حر وشريف يدافع عن ثرى وطنه.

 لقد أقام باسل الحجة علينا جميعاً وعلى المثقفين خصوصاً، ليتعلموا منه أن الكلمات لا بد أن تكون مقرونة بالأفعال، وأن الافكار وحدها لا تحقق شيئاً إن  لم تكن هناك أفعال تؤيدها وتدافع عنها، ويكون أصحابها قدوة لغيره من أجل غيرهم بصحة أفكارهم وكلماتهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.