شعار قسم مدونات

قراءة في مقترح ديوان المحاسبة لحل الأزمة المالية

blogs - Libya market

ضجة كبيرة أحدثتها مقابلة للسيد خالد شكشك، رئيس ديوان المحاسبة بطرابلس، وفهم قطاع من الليبيين خاصة في المنطقة الغربية أن الأيام القليلة القادمة ستشهد انفراجا كبيرة في الأزمة المالية، وستتحصل العوائل على مبالغ مالية بالدولار بسعر الصرف الرسمي مع نسبة تفرض كرسوم تحويل.

 

بالرجوع إلى المقابلة التلفزيونية نفهم أن شكشك تقدم بمقترح لاحتواء الأزمة المالية تم إحالته لمصرف ليبيا المركزي وسيتم مناقشته في اجتماع في التاريخ الذي حدده، وفي حال إقرار المقترح فإنه من الممكن أن يتراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازية ويتوفر قدر كبير من السيولة في المصارف لسد الطلب الكبير عليها، ولكن ليس خلال أيام.

 

 إذاً لن يكون هناك شيء مهم سيقع بعد أيام حتى في حال موافقة المجلس الرئاسي والمصرف المركزي على حزمة الإصلاحات التي تقدم بها ديوان المحاسبة.

 

ملاحظتي الأولى حول المقترح أنه يأتي من جهة رقابية من المفترض أن لا علاقة لها بخطط الإصلاح الاقتصادي ووضع السياسات الاقتصادية لمعالجة الأزمة الراهنة، فالمهمة الأصيلة لديوان المحاسبة هي مراجعة الإجراءات المتعبة في إدارة المال العام وتحديد إذا ما كان هناك تجاوزات أو خروقات للقوانين النافذة. ويبدو أن تلكأ الجهات التنفيذية المعنية في البحث عن حلول للأزمة المالية دفع الديوان لاقتراح ما أسماه خطوات الإصلاح.

 

آخر ما رشح عن المصرف المركزي حول الاحتياطي النقدي من العملات العصبة هو مبلغ لا يتعدى 14 مليار دولار أمريكي، وهو غير متاح لدى المصرف، بمعنى أنه غير موجود في خزائن المصرف، وإنما هو موجود في شكل أرصدة في حسابات خارج البلاد

الملاحظة الثانية هي حول مسؤولية الديوان عن حالة التفاؤل الكبير بقرب انفراج الأزمة المالية، وبرغم أن السيد شكشك كان واضحا في كلامه، إلا أنه كان في حاجة للتأكيد على أن ما تقدم به مقترح وأنه من الممكن أن يرفض أو يواجه تحديات في تنفيذه حتى في حال الموافقة عليه. ربما أدرك السيد شكشك صعوبة الوضع وحالة الترقب لدى شريحة واسعة من الليبيين، وأن هذا قد يؤثر على مصداقيته وسمعته، إلا إنه آثر الانتظار حتى انقضاء الموعد وانقضاء الاجتماع المرتقب ليكون فرصة للتوضيح بشكل كامل، ولكني أعتقد أنه تورط والتوضيح لن يكفي لتجاوز الصدمة.

 

الملاحظة الثالثة تتعلق بمدى إمكانية تنفيذ حزمة الإصلاح التي اقترحها، ومن المهم القول أن ما اقترحه الديوان هي أفكار لا بأس بها سواء ما تعلق بإعداد الموازنة العامة، أو آلية تنفيذ الموازنة الاستيرادية، والإجراءات المصاحبة لمعالجة أزمة السيولة وارتفاع الأسعار. إلا إن المقترح يواجه تحديين هما:

 

إصرار محافظ ليبيا المركزي على موقفه الذي كرر الحديث عنه والتمسك به وهو الحاجة لتبني معالجة جذرية للازمة الاقتصادية من خلال تهيئة الظروف السياسية والأمنية وضمان تدفق النفط بالمستويات التي كانت عليها حتى منتصف 2013، وإصلاحات تتعلق بالميزانية العامة وبصلاحيات المجلس الرئاسي بالخصوص، لهذا من الممكن أن لا يستجيب المحافظ لمقترح الديوان بشكل يحقق المرجو منه وهو التخفيف من الأزمة المالية.

 

يبدو أن هناك صعوبة في تنفيذ المقترح من ناحية عدم توفر النقد الأجنبي الكافي، فالمقترح يتحدث عن موازنة تقدر بـ 15 مليار دولار أمريكي تنقسم إلى 5 مليار تحويلات حكومية، 3 مليار حوالات شخصية، 7 مليار تحويلات تجارية، وهو ما لم يمكن توفيره في المدى القصير وفي الظروف الراهنة.

 

آخر ما رشح عن المصرف المركزي حول الاحتياطي النقدي من العملات العصبة هو مبلغ لا يتعدى 14 مليار دولار أمريكي، وهو غير متاح لدى المصرف، بمعنى أنه غير موجود في خزائن المصرف، وإنما هو موجود في شكل أرصدة في حسابات خارج البلاد وتقع تحت طائلة السلطات الأجنبية ويمكن جدا أن يكون هناك عائق في تحويلها نقدا لداخل البلاد، والتحفظات تعود إلى الخوف من وقوعها في أيدي الإرهابيين، أو هكذا هي الذرائع. وأكرر أن التحفظ هو على نقل الدولار نقدا، وليس إجراء معاملات وإبرام صفقات في الخارج لشراء ما يلزم عبر التحويل إلى حساب الجهات الموردة.

 

إذاً الوضع ليس كما يعتقد ويأمل كثيرون، ويرى البعض أن على المجلس الرئاسي والمصرف المركزي ممارسة ضغوط على الأطراف الدولية للسماح بالتحكم في الأموال الليبية بالعملات الصعبة لتوفيرها بشكل كافي في السوق المحلي ولتلبية الطلب عليها في شكل اعتمادات وغيرها، وهو ممكن في حال اتفاق المعنيون بالقرار الليبي على هذه الخطوة، ونرجو أن يتفقوا عاجلا، لأنهم في حال عدم اتفاقهم سيواجهون موجة غضب لا محالة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.