شعار قسم مدونات

حماس وشفيق وبينهما أمور متشابهات

blogs - فلسطين

مرت منذ أيام الذكري الثلاثين على انطلاق حركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين، قبلها بشهرين أقدمت على الخطوة الأكثر خطورة في تاريخها وللمرة الأولي التي تعقد فيها مصالحة مع حركة فتح العدو الذي حورب بالسلم والحرب في غزة من قبل حماس. تبنت الحركة المصالحة وقبلت بالوساطة المصرية عبر عبدالفتاح السيسي الذي قاد انقلاباً عسكريا والمتهم الأول في مجزرتي فض رابعة والنهضة والمجازر التي تلتها في مصر وحتي اليوم.

أقدمت حماس علي تلك الخطوة بعد ما حاولت للنفس الأخير أن تواصل التحكم في قطاع غزة وهي لها اليد العليا والسفلى فيه، قيادات الحركة الداخلية منهم من رفض تلك المصالحة وبشدة وبالأخص من هم داخل القسام: الذراع المسلح لحماس. قام جمهور حماس القريب والبعيد ولم يقعد وتحدث بما يجب أن يتحدث معارضين لخيار المصالحة التي تبنته حماس، جمهور الإسلاميين والرأي العام نقد حماس بكل وسائله داعين الحركة للرجوع عن ذلك مما يمثل تخاذل ذلك، وأن حماس في قاعدتها غذت أبنائها على العداوة الكلية لفتح ودحلان.

 
لسنا في صدد تقييم أو وضع المصالحة في طور المناقشة، لكن التجربة الوحيدة التي امتلكت في وقت من الأوقات مال وسلطة وسلاح ودعم إقليمي ودولي من عدة أطراف على غير ما امتلك الإخوان في مصر عقب الثورة. فمنذ عدة أيام ليست ببعيدة تقدم الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق والمعروف بانتمائه للدولة العسكرية في مصر للترشح للرئاسة وسرعان ما تراجع عنها بعد خطوات مريبة حدثت من دولة الإمارات التي فر إليها بعد خسارته أمام الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان آنذاك.

  undefined

  
تقدم شفيق وبدأ الجميع يترقب المشهد المصري بتلفظ الأنفاس والنظر حول احتمالية حدوث متغيرات حقيقية في الملف المصري خصوصا وأن شفيق هو ابن المؤسسة العسكرية أيضا وأحد رموز نظام المخلوع مبارك والقادر علي منافسة نظام عسكري عبر رجاله السابقين وأحد المشاركين في صناعة الانقلاب.
 
لم يختلف طرفا المصالحة في فلسطين عن مصر كثيرا سواء من حماس وهي الشجرة الممتدة من فكر الإخوان المسلمين في فلسطين وحركة فتح المقاومة لحماس منذ توليها للسلطة وعملية الحسم الشهيرة في ٢٠٠٦، وبين الإخوان وأحمد شفيق. وهنا نقف قليلا، الجمهور الذي سب حماس وأقام عليها الآيات والدلائل بالخذلان والتخاذل بعقد مصالحة مع حركة سياسية وبيدها مقاليد الحكم في فلسطين تحول في أمر شفيق إلى منظر وداعم لشفيق في تحركاتها الرئاسية لتحريك المشهد المصري مما هو فيه من حالة الركود والسيطرة العسكرية والهيمنة الدكتاتورية للعسكر وعلي رأسهم السيسي بسلاحه العسكري.
 
في مصر، تمني الجميع إلا القليل إحداث أي تغيير ولو قليل آملين في أحمد شفيق أي تغيير "وهو المنافس الحقيقي والوحيد للدكتور مرسي عام ٢٠١٢ واعتصم الإخوان في التحرير تحسباَ لوقوع عمليات التزوير لإنجاح شفيق" مع استدعاء من التاريخ مرحلة ما بعد عبدالناصر وتولي السادات مقاليد الحكم مطلع السبعينات والإفراج عن المعتقلين وقتها بعد ويلات القتل والتعذيب داخل السجون، تنفس ذوي المعتقلين الصعداء وبدأ المطاردين خارج البلاد في أحلام العودة التي غابت عنهم كثيراً وستطول ربما لسنين قادمة.
  

أحمد شفيق (الجزيرة)
أحمد شفيق (الجزيرة)

 
كان مشهدا مضحكا للجميع، تحول الجمهور من ناقم على أي مصالحة إلى مجهور مؤيد لأي اتفاق يعقد بين طرفي الصراع المصري الذي دفع الجميع ثمنه من الشعب والعسكر والإخوان. قادة المعارضة للانقلاب في مصر تأمل وتبحث عن أي مخرج حقيقي من الضرر التي وقع عليها عقب الانقلاب حتى وإن كان الخيار التنازل والعودة للخلف "وهي غير قادرة على نيل هذا الطلب من السيسي كنظام ولكن تجده من وفي أي بديل آخر" وإن كان هو ابن الدولة العسكرية أيضا.

 
ولا تجد مبررا حقيقيا لإقناع جمهورها بأنه قد نضع أيدينا مع من حاربناه حربا ضروس ونصبت ضده وهيأته العسكرية الاعتصامات في الشوارع والميادين، إلا أنها انحصرت بين فكي مجموعة تملك بعض الأصوات العالية التي تهب سبا وشتما في أي خيار للحل وجلجلة الموقف علي أمل أننا نملك الشرعية. ولا يجوز التفريط في الدماء وما غير ذلك وبين مجموعه منتفعين يتمنوا بقاء الوضع كما هو عليه دون أي تغيير أو تحريك وهم يد عليا في اتخاذ القرارات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.