هي أرض المعجزات والطريق المفتوحة بين أرض اللّه والسماء. كنعانية عربيةٌ والقدسُ كأهلها ترحّبُ بالجميع. هي اقتباس لكلّ تفاصيل الحبّ والسلام والجمال بقبابها وأبوابها ومآذنها وأجراس كنائسها صبيحة الأحد. هي ترتيلٌ عذب جاء فيه البراقُ والإسراء والمعراجُ واليرموك والفاروق ويسوع المسيح. هي مدينة القرآن والإنجيل وهي نفسها التي هدمت ثمانية عشر مرّةً واستطاعت التحقيق، لا عجب في كونها "أورشليم" جوهرُ الخلاف لدى أهل القبلتين.
في تصريح مثير للرئيس الأمريكي "دونالد ترمب" جاء فيه اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني انقسم الرأي العام على الصعيد العالمي إلى ثلاث: بين مؤيد ورافض وآخر يحذّر من الاحتقان الذي قد يحدث من وراء هذا القرار "المتهوّر". وقد يعتبر البعض أن قرار "ترمب" الأخير ربّما يشكل تهديدًا لكل موازنات السلام في العالم. فقد ردّت "موسكو" عن طريق الخارجية الروسية وتبعها تعليق "الكريملن" بضرورة الاعتراف بالقدس الغربية عاصمةً لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
واعتبرت "روسيا" أن هذا القرار غير منسجم مع قرارات الشرعية الدولية وأنّه لابدّ من العمل على وجود تسوية سياسية عبر المفاوضات تنتهي بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. من جانب آخر اعتبرت تركيا من خلال ما جاء على لسان "آردوغان" أنّ القدس خط أحمر. وقد أعرب الزعيم الكوري الشمالي عن موقفه بعبارة ساخرة من الكيان الصهيوني "لا توجد دولة تُسمّى إسرائيل حتى تصبح عاصمتها القدس". أمّا الرد العربي فكان عن طريق الساحات والحشود الشعبية المندّدة بقرار الرئيس "ترمب".
لكن الجانب الأمريكي الإسرائيلي ربّما يتفهّم موقف الحكومات في سبيل تهدئة الرأي العام المحلي وتجنّب المواجهة المباشرة والمعلنة وأنّ كلّ تلك الردود "البسيطة" و "الناعمة" لم تكن إلى جرعة "مورفين" لتخدير المحتجين وإسكاتهم. وقد يجد "ترمب" و "نيتانياهو" في القيادات العربية من الطاعة ما قد يغيبٌ عن أكبر القوى الداعمة للكيان الصهيوني والمشروع الأمريكي في نسخته الحالية. ففي الجانب المصري يلعب "السيسي" دورًا مرحليًا في تشديد الخناق على قطاع غزّة إمّا من خلال تدمير أنفاق "الرحمة" أو الإصرار على غلق معبر رفح رغم قسوة الظروف التي يمرّ بها القطاع نتيجة الحصار.
كلّ هذه المعادلات الأمنية الجديدة كانت على حسب تقديري مدروسة مسبقًا. أوّلا إخماد نار الثورة العربية في وجه الفاسدين والأنظمة الدكتاتورية فإسرائيل تدرك جيّدًا أن مرور الشعوب العربية نحو الديمقراطية والشفافية سيمثل خطرًا على ما يُسمّى ب "دولة إسرائيل" وأنّ الحلّ هو اختلاس كل هذه الاستحقاقات الشعبية إمّا بثورة مضادة تسعى إلى إعادة الأنظمة القديمة على رأس السلطة كما حدث في "مصر" أو بإدخال البلاد في إطار حرب شوارع تقودها عصابات السلاح والمخدرات كما يحصل الأن في "ليبيا" و "اليمن". وقد لعبت دولة "الإمارات" دورًا هامّا في هذا السياق من خلال دعمها المعلن اللوجستي والمالي لهذه الأنظمة الانقلابية تحت راية إعادة الاستقرار لمناطق التوتّر في الوطن العربي.
وجميع الناس لها تسمع ْ
" الآنَ الآنَ وليس غداً
أجراس العَـودة فلتـُقـرَع "
مِن أين العـودة فـيروزٌ
و العـودة ُ تحتاجُ لمدفع ْ
و المدفعُ يلزمُه كـفٌّ
و الكـفّ يحتاجُ لإصبع ْ
و الإصبعُ مُلتـذ ٌ لاهٍ
في دِبر الشعب له مَرتع!؟
عـفواً فـيروزُ ومعـذرةً
أجراسُ العَـودة لن تـُقـرع ْ
خازوقٌ دُقَّ بأسـفـلنا
من شَرَم الشيخ إل سَعسَعْ
غـنت فيروزُ مرددة ً
آذان العـُرب لها تسمع ْ
" الآنَ الآنَ وليس غداً
أجراسُ العـَودة فلتـُقـرَعْ"
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.