وحينما نكسي الإسلام والنظام القومي والوطني على ما سبق نجد أنه من الحماقة أن نجبر أحدا على شيء حتى وإن آمن به، فالمواطن لا يهتم بالذي يدعيه المرشحين ومروجيهم ومنظريهم بل ما يهمه أكثر هو كيف ستساعد أيدولوجيتك أو سلطتك أو مالك على معالجة مشاكله، فهو يعاني من البطالة والفقر والخوف والجوع والدونية واحتقار الذات فإليك السؤال يا من حكمت أو تحكم أو تنوي أن تحكم ماذا الذي ستقدمه لحل مشاكل من تريد أن تحكمهم؟ كيف ستجعل حياتهم أفضل؟ ما الذي يجنيه المجتمع أن كنت تمتلك المليارات ولم تعالج لي الفقر والبطالة؟ ما الذي سيجنيه المجتمع من الالتزام الديني والأيدولوجية الربانية إن لم تقدم الازدهار والتقدم ولم تعالج مشاكل الاقتصاد والمال والأعمال؟
إن أعظم من أساء للأديان هومن حكم المجتمعات باسم الدين ثم أفسد المجتمع ومضى به للانحدار والتراجع والانتكاس على المستويات العامة أو المستويات الخاصة. لسان حال المجتمعات يقول كن من تكون ولكن أصلح لي المجتمع، إن أخفق البائع في بيع بضاعة جميلة ورائجة فهذا ذنبه لا ذنب البضاعة لذلك فلتكتسب مهارة البيع والإدارة ثم فلتأتي لتعرض بضاعتك. لذلك نجد أن الحكم الإسلامي حكم دولا عظيمة ممتدة عبر الشرق والغرب تشتمل على العديد من الأديان والأعراق والألوان والأشكال ونجح نجاحا باهرا جعل من أعداء الإسلام أن يتهموه أنه حكم بالسيف والحديد والنار.
إن تلك التجارب ليست ضربا من الخيال ولكن كان الفهم الحقيقي للواقع والاندماج مع عناصر المجتمعات هو الموجه والمرشد لمماحكة هذه الاحتياجات والقدرة على التعامل معها بما يسمح للمواطن أن يلمس ذلك، اليوم تهاجر العقول العربية والإسلامية إلى دول الغرب الذي يسميه البعض بالكافر والمجرم وينبهر بمستوى الحريات والعدالة والخدمات والنجاحات وحتى وصل البعض أن قال وجدنا في الغرب إسلاما بلا مسلمين وفي بلاد الإسلام وجدنا مسلمين بلا إسلام.
يتغنى بعض المسلمون بإنجازات أردوغان الذي أقر العلمانية نظام يحكم تحت ظله وهو التركي الغير عربي حالق اللحية ويصافح النساء في حين نرى تراجعات وتيها واضحا على كافة القطاعات في الدول التي تدعي الوصاية على الإسلام بحكم التاريخ أو الجغرافيا، لا تحدثني عن دينك أو نفسك أو مالك دعني أرى ما الذي سيقدمه ذلك كله للمجتمعات والحضارة على أي مستوى كان. من ناحية أخرى نجد أن المجتمعات تميل لتجديد من يحكمها بعد تجربته وذلك سوآء كانت التجربة إيجابية أو سلبية، فإن كانت التجربة إيجابية فالتحدي لمن حكم سيكون كبير جدا فما بالك إن كانت التجربة سلبية، حكم البعض باسم الدين وكان الناتج سلبيا فحماقة إن ظن البعض أن هذه التجربة ستلغى من ذاكرة المجتمعات ذلك شيء يشبه ما يقوم به الطبيب من الاهتمام بتاريخ المريض من الأمراض والتجارب ونوع الحياة التي يعيشها.
إن المنهجة لمسيرة الحكم بداية من الشروع بالترشح والتقدم وصولا إلى انتهاء التجربة أمر حتمي لابد منه وطائش كل من يتحرك بدونه فهو كمن يسير في الغابات أو الصحراء بلا دليل أو مرشد. قال بعض الحكماء "حينما يسقط الصنم تأتي الفكرة" لذلك خلف كل مرحلة تجربة بحاجة لمعرفة مكامن الاخفاق أو الفشل، أفضل المشاريع هي التي لا تفنى ولا يفني إلا من لا يتجدد ولا يتجدد من لا يراجع مسيرته ويجعل من كل نقطة انتهاء نقطة بداية تتكاتف مع نقاط أخرى لتشكل حركة تجديد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.