شعار قسم مدونات

اكتئاب ما بعد الولادة

blogs اكتئاب بعد الولادة

تمرّ المُنجِبة حديثاً بفترة من التقلبات المزاجية تصل إلى حد الأسبوعَين تقوم على نوبات بكاء مفاجِئة وقلة التركيز والصعوبة في النوم، يختلف اكتئاب ما بعد الولادة في ماهيته عن تلك الحالة، فهو ليس عابرا، ولا يشكل حالة طبيعية.

 

فبعد تحوّل الحالة السلبية الأولية إلى اضطرابٍ نفسي بحدّ ذاته، يصبح التعب حاكماً مستبداً في حياتها، وتشتد حدة تقلباتها المزاجية ما ينعكس عليها سلبا فتعاني من فقدان لشهيتها ولأي تلذّذ بالأمور المُفرحة والمسلّية، فتبتعد عن أصدقائها وعن المشاركة في المناسبات الاجتماعية. كذلك يزيد غضبها وأرقها من اكتئابها، فتخف رغبتها الجنسية، ولا تستطيع النوم، أو العكس تنام بشكلٍ مفرط..

 

وما قد يزيد من حالة الاكتئاب التي تعانيها هو ما إذا عانت اكتئاباً في مرحلةٍ ما من حياتها أو في حملٍ سابق، أو إذا ما ظهرت العوارض خلال فترة حملها. ومن الممكن أن تتعقد الأمور أكثر في حال كان حملها غير مُراد أو غير مخطط له، كذلك قد تؤثر سلباً أحداثٌ معينة كصعوبات الحمل أو المرض أو فقدان الوظيفة، ولعلّ الأصعب هو المشكلات في العلاقة الزوجية، أو رعايتها وحيدة لطفلها، الأمر الذي يجعلها تتعب وتتذمر من بكاء الطفل ومسؤوليته بينما بيولوجياً، يشكّل الانخفاض الحاد للهرمونات بعد الولادة، خصوصاً الأستروجين والبروجيستيرون، عاملاً مساهماً في خلق اكتئاب ما بعد الولادة عند الأم، إضافة إلى احتمال انخفاضٍ حاد في الهرمونات التي تنتجها الغدة الدرقية، ما يجعلها متعَبة، بطيئة الحركة وحزينة.

 

يقتصر الدور الأساسي للمشيمة على كونها تحمي الجنين من السموم والملوثات الخارجية فهي بمثابة جهاز للتصفية والترشيح. وهي أيضا مسؤولة عن تزويد الجنين بالدم من الأم وتبادل الأوكسجين والمواد الغذائية
يقتصر الدور الأساسي للمشيمة على كونها تحمي الجنين من السموم والملوثات الخارجية فهي بمثابة جهاز للتصفية والترشيح. وهي أيضا مسؤولة عن تزويد الجنين بالدم من الأم وتبادل الأوكسجين والمواد الغذائية
 

وقد تكون الخطوة الأولى لعلاج هكذا اكتئاب هي الأصعب، وهي إقرار المرأة بأنها تعانيه، فهي تتردد وتُحرج، خصوصاً أن ذلك يعني عدم اهتمامها الكافي بالمولود الجديد. لكن لا يعبّر اكتئاب ما بعد الولادة عن عيبٍ ما عندها، ويمكنها عبر علاجٍ فوري أن تستمتع بولادة طفلها وإنشاء العلاقة المميزة الحميمة معه، فإذا لم يعالَج اكتئابها سيمتد إلى أشهرٍ عديدة ولن يعود عليها إلا بالمزيد من التقلبات المزاجية و"الغربة" عن طفلها وزوجها.

 

وفي هذا الصدد يجب التفريق بين اكتئاب ما بعد الولادة واضطراب الثنائي القطب، فما قد يصيب المرأة بعد إنجابها هو اضطراب الثنائي القطب وليس اكتئاب ما بعد الولادة عادة وفي هذه الحالة يجب أن لا تُرضع طفلها في حال استهلاكها لمضادات اكتئاب.

 

ومن المؤكد أن هناك احتمالاً كبيراً للمرأة التي عانت اكتئابَا ما بعد الولادة بعد حملها الأول من أن تعانيه بعد حملها الثاني، وينصح بأن تلجأ في علاجها إلى الحل الطبي وإلى حل التحدث مع اختصاصي نفسي معاً، "فالاكتئاب أمرٌ خطيرٌ جداً، قد يدفع بها إلى التفكير بالانتحار".

 

ومن بين الحلول التي أثارت ضجة في العالم ما شاركته نجمة "التلفزيون الواقعي" (Reality) كيم كارداشيان جمهورها على حسابها في تويتر خبر كونها تناولت مشيمة ابنها  Saint West بعد ولادته، بهدف الوقاية من الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة وأشارت إلى أن ذلك جعلها تشعر بنشاط وحيوية! يعتبر تناول المشيمة بعد الولادة أو ما يعرف بـ Placentophagy  عادة منتشرة مؤخراً في أوساط المجتمع الأمريكي بشكل خاص، وجاءت بناءاً على اعتقاد البعض وادعائهم بأن تناولها سيساعد في:

* الحد من الألم بعد الولادة والاكتئاب ما بعد الولادة
* المساعدة في إنتاج حليب الأم
* تعزيز الترابط بين الأم والطفل
* وزيادة مستويات الطاقة والحيوية والنشاط للأم
* مصدر للحديد وفيتامين B12

 

إلا أنه وبحسب عدة مراجعات أقر الباحثون أن هذه الادعاءات غير موضوعية وليس لها أي أساس أو إثبات علمي. وأننا لا زلنا بحاجة إلى دراسات تبحث مخاطر هذه الظاهرة. ويقتصر الدور الأساسي للمشيمة على كونها تحمي الجنين من السموم والملوثات الخارجية فهي بمثابة جهاز للتصفية والترشيح. وهي أيضا مسؤولة عن تزويد الجنين بالدم من الأم وتبادل الأوكسجين، المواد الغذائية، والفضلات بين دورتي الدم لدى الجنين ولدى الأم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.