شعار قسم مدونات

أن تقص الأنثى شعرها

blogs نتف الشعر

قد يكون لقص الشعر الطويل عامل نفسي إيجابي.. أو تفريغ لجزء من الهم.. أو تجديد للمشاعر والانتقال من مشاعر معينة لمشاعر مختلفة.. وقد يكون تعبير عن غضب أو مشكلة نفسية تمر بها الفتاة فتتجه لإيذاء نفسها عموما.. ومن بين ذلك تدمير الشعر، كثورة ورسالة مفادها أنها قادرة على التخلي عن أهم شيء بالنسبة لها فتقطيع شعر أخذ منها سنوات من العناية والتمشيط ليس بالأمر الهين فذلك يحتاج إلى شجاعة وجرأة كبيرتان أو لصدمة نفسية تجعل الأنثى خارج نطاق الإدراك بما تفعله.

 

وكان لعلم النفس تفسير هام لهذه الحالة فحسب هذا الأخير يعتبر قطع الشعر اضطرابا ويسمى اضطراب نتف الشعر أو قطع الشعر Trichollomania أحد الاضطرابات النفسية الحديثة على تصنيفات الاضطرابات السلوكية وذلك رغم قدم وصف الاضطراب، وهذا سنة 1889 حيث قام طبيب أمراض جلدية الفرنسي Hallopeau بوصفه لأول مرة.

 

هناك عدة اضطرابات من هذا القبيل وهي أكل الطين أو Pica التي تعني الاشتهاء المُلحّ أو الأكل المستمر لمادة غير مغذية أو غير مأكولة حسب المتعارف عليه ضمن إطار ثقافة معينة، وأما تقليم الأظفار بالأسنان Onychophagie فهو أيضًا أحد الاضطرابات القريبة من اضطراب نتف أو قطع  الشعر Trichotillomanie ، وأما أكل اللحية فهو الإشارة إلى ما يفعله كثيرون من مرضى نتف الشعر في الشعر بعد قطعه؛ فمنهم من يمرر الشعر بين شفتيه، ومنهم من يثنيه عدة ثنيات بين أصابعه، ومنهم من يأكله حتى إن بعضهم يصاب بانسداد معوي بسبب التهام كمية كبيرة أو متراكمة من الشعر ويطلق على من يأكل الشعر المنتوف ب Trichophagie.

 

يختار المريض بحالات النتف القهري فعل النتف ليتخلص من الشعور المتعاظم بالضيق الذي يسبق النتف، ونفس الكلام ينطبق في حالات النتف الاندفاعي
يختار المريض بحالات النتف القهري فعل النتف ليتخلص من الشعور المتعاظم بالضيق الذي يسبق النتف، ونفس الكلام ينطبق في حالات النتف الاندفاعي
 
أشكال قطع الشعر:

يوجد ثلاث أشكال من قطع أو نتف الشعر وهو القطع الاندفاعي Impulsive أو القهري Compulsive أو التلقائي Automatic للشعر.

 

* الشكل الاندفاعي Impulsive:

بمعنى أن المريض يفعله استجابة لرغبةٍ ملحةٍ في النتف الذي يكون مصحوبًا بما يشبه الشعور باللذة وعادة ما يتلوه شعور بالندم بسبب الاستجابة لتلك الرغبة.

 

* الشكل القهري :compulsive

يضطر المريض لفعل النتف استجابة لشعورٍ متعاظمٍ بالضيق يتخلص منه المريض بالنتف (أي أن النتف هنا يماثل الفعل القهري في اضطراب الوسواس القهري) فلا يكون مصحوبًا بلذةٍ معينة وإنما فقط بالتخلص من الضيق، فمثلا تستشعر المريضة التي عادة ما تكونُ كثيرة العبث في شعرها أن شعرة أو أكثر غير مستقيمة أو مستفزة بشكل أو بآخر فلا تستطيع الخلاص من إلحاح الرغبة في نزعها إلا بأن تفعل.

 

* الشكل التلقائي Automatique:

عند البعض فلا نسمع منهم أكثر من أنهم يفعلون ذلك دون انتباهٍ كامل أثناء انشغالهم بالتركيز في أي عمل أو نشاط، فلا هم يستمتعون بعملية النتف نفسها كما في الحالات الاندفاعية، ولا هم يشعرون ضيقا لا يخلصهم منه سوى النتف كما في الحالات القهرية، بل نجد من تكاد لا تدري بفعل النتف أثناء فعلها له.

 

يؤدي اضطراب نتف الشعر إلى حدوث فقدانٍ واضحٍ في الشعر نتيجة لفشلٍ متكررٍ في مقاومةِ دافعٍ النتف، ونتف الشعر يسبقه عادة توتر متصاعد ويليه إحساس بالراحة أو الرضا

إلا أن من الممكن أن ننظر إلى النوع التلقائي بشكل مختلف عن النوعين الآخرين، ذلك أننا نستطيع أن نستنتج عاملا مشتركا بين كلٍّ من النتف الاندفاعي والنتف القهري بينما هو غائب في حالة النتف التلقائي وذلك هو اختيار فعل النتف في ذاته، ذلك أن النتف التلقائي عادة ما يحدثُ في حالات الانهماك الذهني في موضوع آخر كمشاهدة التلفاز أو المذاكرة أو تصفح الإنترنت، فبينما يكونُ المريض شارد الذهن يحدثُ النتف دون وعي منه وبالتالي دون اختيار.

 

وأما في حالات النتف القهري فإن المريض/المريضة يختار النتف ليتخلص من الشعور المتعاظم بالضيق الذي يسبق فعل النتف، ونفس الكلام ينطبق في حالات النتف الاندفاعي حيث يشعر المريض/المريضة برغبة ملحة في النتف وبشعور لذيذ غالبا أثناءه بينما يقتصر الأمر في النتف القهري على الشعور بالخلاص من الضيق، بهذا الشكل نستطيع أن نقول أن لدينا نتفا اختياريا (رغم معرفتنا بعدم اكتمال الإرادة) ويشمل النتف القهري والاندفاعي، ونتفا غير اختياري ويشمل حالات نتف الشعر التلقائي، وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان النتف التلقائي منتميا إلى اضطرابات نطاق الوسواس القهري أم لا خاصة وأن النتف في هذا النوع الأخير يحدثُ تقريبا دون وعي.

 

الصورة المرضية للاضطراب:

ويؤدي اضطراب نتف الشعر إلى حدوث فقدانٍ واضحٍ في الشعر نتيجة لفشلٍ متكررٍ في مقاومةِ دافعٍ النتف، ونتف الشعر يسبقه عادة توتر متصاعد ويليه إحساس بالراحة أو الرضا، وإن كنا لا نجد ذلك التسلسل واضحًا في كل الحالات، فإن وجدناه واضحا في بعض الحالات الاندفاعية والقهرية فإننا لا نجده بهذا الشكل في الحالات التي تصنف تلقائية.

 

مع تزايد قوة التوجهات السلوكية في الطب النفسي بدأت التفسيرات السلوكية في أخذ الصدارة فاعتبر نتف الشعر واحدًا من مجموعة سلوكياتِ الاستجابة للكرب النفسي أو الضيق أو التوتر
مع تزايد قوة التوجهات السلوكية في الطب النفسي بدأت التفسيرات السلوكية في أخذ الصدارة فاعتبر نتف الشعر واحدًا من مجموعة سلوكياتِ الاستجابة للكرب النفسي أو الضيق أو التوتر
 

وليس معدل انتشار اضطراب نتف الشعر معروفًا على وجه الدقة، وإن كان من المعروف أنه أكثر في النساء منه في الرجال، ورغم أن الحالات العابرة قد تصل إلى 1% أو أكثر قليلاً فإن الحالات التي تصل إلى مستوى الاضطراب النفسي لا يزيد معدل انتشارها عن 0.6%، وإن كان ميل الغالبية العظمى من المرضى إلى السرية وعدم البوح بمثل هذه الأعراض إضافة إلى غياب الدراسات المسحية التي تجرى على أفراد المجتمع العاديين.

 

علم النفس المرضي لهوس قطع الشعر:

بينما اعتبر قطع الشعر لسنوات طوال مجرد عادة عصبية Neurotic habit، فقد أضفت عليه أدبيات التحليل النفسي Psychoanalysis، معانٍ جنسية، حيث اعتبرته تعبيرا عن شكل من أشكال صراع جنسي لا واعٍ أو شكلا من أشكال تفريغ الشحن العصبي أو حتى بديلا للعادة السرية، وفي منتصف الستينات من القرن الماضي اعتبر نتف الشعر ناتجا عن التفاعلات العصابية كطريقة للتعامل مع القلق الصراعات وابتعدت بذلك التفسيرات قليلا عن الجنس.

 

ومع تزايد قوة التوجهات السلوكية في الطب النفسي بدأت التفسيرات السلوكية في أخذ الصدارة فاعتبر نتف الشعر واحدًا من مجموعة سلوكياتِ الاستجابة للكرب النفسي أو الضيق أو التوتر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.