شعار قسم مدونات

العراق بعد داعش.. ملفات عدة أسهلها حرباً وأحلاها مراً

Iraq's Prime Minister Haider al-Abadi speaks with U.S. Secretary of State Rex Tillerson (not pictured) in Baghdad, Iraq October 23, 2017. REUTERS/Alex Brandon/Pool

العراق عسكرياً انتصر أمام أنظار الجميع على أشرس تنظيم ارهابي مسلح في العالم، دخل حرب استنزاف معقدة جداً ومترامية الأطراف بدأها شرقاً مروراً بالشمال وأنهى فصولها غرباً، لكن هذا لا يعني أن السلام قد حل على العراق وانتهى كل شيء.

ماذا عن الملفات التي يجب أن يفتحها رئيس الحكومة حيدر العبادي بعد الانتصار على داعش؟َ! تنظيم داعش لم يأت من فراغ بل كانت نتيجة السياسات الخاطئة التي انتهجها من سبق العبادي بالحكم، داعش ظاهرة إن لم تعالج أسبابها ستعود، هل يعلم رئيس الوزراء العبادي بهذه الحقيقة المرة؟!

على طاولة رئيس الوزراء حيدر العبادي ملفات عدة، أسهلها حرباً، وأحلاها مراً، وكلما تم فتح ملف لمعالجته كلما زادت فرصته بالاقتراب من الولاية الثانية بنجاح، التي من شأنها زيادة وتعزيز نصيبه الانتخابي في الانتخابات البرلمانية القادمة، في ظل صراعات حزبية داخلية قد لا يكون نصيب للعبادي فيها، فضلا عن ذلك هنالك ملفات خطيرة جداً لا يستطيع فتحها دون أن يحصل على ضمانات أمريكية خاصة فيما يتعلق بملف المليشيات المسلحة وانتشار السلاح خارج إطار الدولة بحجة محاربة داعش، وهنا يجب أن يكون العبادي هو المبادر، والضوء الأخضر يجب أن يكون بيده لا بيد أمريكا، لأن البقاء للأقوى فعلاً وليس قولاً.

إن ملف محاربة داعش أسهل بكثير من ملف محاربة الفساد وأركانه في العراق، الفساد هو من أهم الملفات التي أطاحت بالعراق أرضاً ومكانة وهيبة.

في جميع أنحاء العالم.. الدول والأمم التي تعرضت لانتكاسة كبرى في تاريخها راجعت نفسها بحزم، وبدأت بإعادة الحياة للقانون لأنه هو أهم رافد يغذي التقدم ويحارب بصدق من أجل بلوغ العدل، والعراق الآن بحاجة ماسة لفتح ملف الفساد فيه ومحاربته بكافة أشكاله وألوانه والقائمين عليه.

العراق بحاجة إلى شخص يعمل له، لا لشخص قمة ما يمكن أن يقوم به هو العمل على ضمان مقعده في الانتخابات، ومن أهم المشاريع التي يفتقدها العراق هي المشاريع الاقتصادية الحقيقية
العراق بحاجة إلى شخص يعمل له، لا لشخص قمة ما يمكن أن يقوم به هو العمل على ضمان مقعده في الانتخابات، ومن أهم المشاريع التي يفتقدها العراق هي المشاريع الاقتصادية الحقيقية
 

فتح ملف الفساد في العراق سيكشف من هو المتسبب بسقوط ثلاث محافظات عراقية بيد تنظيم داعش، وتهجير نحو 4 مليون مواطن داخل وخارج البلد، وتدمير البنى التحتية لأكثر من نصف العراق وسيكشف من وقف خلف حملة التجهيل المتعمدة لأطفال العراق بسبب آفة الحرب والنقص الحاد بالمدارس التعليمية.

العراق بحاجة إلى شخص يعمل له، لا لشخص قمة ما يمكن أن يقوم به هو العمل على ضمان مقعده في الانتخابات، ومن أهم المشاريع التي يفتقدها العراق هي المشاريع الاقتصادية الحقيقية الكفيلة بتغيير أنماط المعيشة لدى المواطن وإعادة الثقة بالدينار العراقي، وكذلك بحاجة إلى مشاريع ثقافية وإعلامية نقية من الأفكار الملوثة أيديولوجيا وطائفياً وقومياً التي من شأنها المساهمة بتغيير نمط التفكير السليم لدى جميع مكونات الشعب العراقي.

مطلوب من العبادي أن يجنب العراق الحرب التي تدق طبولها الآن في المنطقة، وليس شرطاً أن تكون الحرب عسكرية فربما تكون صراعات اقتصادية أو إعلامية بين دول المنطقة الكبرى لإعادة توازن القوى على أسس طائفية!

أهم المشكلات التي تؤرق العبادي وبحاجة لحلول جذرية
– وضع السلاح بيد الدولة فقط قولاً وفعلاً دون الانحياز لأي جهة والمقصود هنا الحشد الشعبي في ظل مطالبات أمريكية وعربية بل وحتى داخلية بضرورة حل بعضه وتحجيم البعض الآخر منه، بعد زجه في صفوف القوات الأمنية تزامننا مع تصعيد أمريكا والسعودية ومصر لهجتهم ضد إيران وحزب الله في لبنان والحوثي في اليمن.

– إعادة اعمار المناطق المدمرة بسبب الحرب مع داعش وإعادة النازحين في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالعراق.
– ملف كردستان وطبيعة التعامل معه وكيفية إنهائه من دون قتال والعمل على عدم تدويل القضية الكردية.
– العمل الجاد على إنهاء ملف المعتقلين والمختفين في سجون الأحزاب السياسية التي تمتلك فصائل مسلحة، وإبداء حسن النية في المشاركة الحقيقية لجميع مكونات الشعب العراقي في الحكومة وليس بشكل رمزي.
– والعمل الجاد على تطمين المكون السني على أنه شريك حقيقي وفعال في الحكومة وإدارة الدولة وبناء الثقة حتى لا ينتج عنه ميلاد جماعات أكثر تطرفا يمكن أن تستغل الحالة المتردية لهم.
– والملف الأهم دولياً هو حل الاشتباك المتقاطع في التعامل العراقي بين "أمريكا – إيران" و "إيران – الخليج" و"أمريكا – روسيا".

حيدر العبادي في جولته الإقليمية الأخيرة التي شملت كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية التركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، طرح مبادرة أو مشروعا عراقيا من خمس نقاط؛ تبدأ بضرورة توطيد علاقات التعاون وتنتهي بجلب الاستثمارات للعراق وخلق فرص التنمية المستدامة، هذه أهداف صعبة التحقيق خاصة وأن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يتعامل مع العراق ضمن الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة وهو هدف يتعلق ببناء مجتمعات عادلة وسلمية وشاملة للجميع، "إن السلام والاستقرار وحقوق الإنسان والحكم الرشيد القائم على سيادة القانون هي قنوات هامة للتنمية المستدامة"، وهذا ما يفتقده العراق بنظر الأمم المتحدة!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.