جاءت الشريعة الإسلامية لحفظ كليات خمس اتفق العلماء على اعتبارها وهي: الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وسماها بعضهم: الضروريات الخمس. وقد شرعت الشريعة الغراء عدداً من التشريعات التي تتناسب مع حفظ هذه الكليات وتحميها من الضياع أو النقص أو الإتلاف. ومن هذه الضروريات: حفظ المال، وشرع له حد السرقة وتحريم كثير من العقود التي فيها ضرر على المتعاقدين أو غبن أو غرر، وشرع له كذلك الحجر على السفيه والمجنون والصغير.
والمتأمل في كتاب الله تعالى يجد أن قضية الحَجْر على هؤلاء وبالأخص السفيه قد تناولتها آيتان في سورة النساء هما قوله تعالى: (ولَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أموالهم) وقد اعتبر العلماء السَّفَهَ عارضاً من عوارض الأهلية المكتسبة، وفسروه بأنه: عِبَارَةٌ عَنْ خِفَّةٍ تَعْتَرِي الْإِنْسَانَ فَتَحْمِلُهُ عَلَى الْعَمَلِ بِخِلَافِ مُوجِبِ الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ مَعَ قِيَامِ الْعَقْلِ حَقِيقَةً، وَقَدْ غَلَبَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَبْذِيرِ الْمَالِ وَإِتْلَافِهِ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ السَّفِيهَ يُمْنَعُ مَالُهُ فِي أَوَّلِ مَا يَبْلُغُ بِالنَّصِّ يَعْنِي إذَا بَلَغَ سَفِيهًا يُمْنَعُ عَنْهُ مَالُهُ.
كما شمل الحجر من يتعرّض للإفتاء وهو جاهل لا يعلم حقيقة الحكم الشّرعيّ فيضلّ ويضلّ وتصبح فتنة بين المسلمين من وراء فتياه، وكذا يحجر على الطّبيب الجاهل الّذي يداوي الأمّة وهو لا يعلم شيئا من فنّ الطّبّ، فتروح أرواح طاهرة بين يديه لجهله، وينتج من ذلك بلاء عظيم وخطب جسيم . وكذا يحجر على المكاري المفلس، لأنّه يتلف أموال النّاس بالباطل. وفي عصرنا أرى أن يقرر حكم جديد يتعلق بالحجر السياسي، وخصوصاً بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة تناقل الآراء والأفكار، وهذا الحجر متعلق بمن يتكلم في شأن العامة من طلاب العلم أو المشايخ وهو لا يتقنه أو لا يجيده أو لا يفقه أبجديات السياسة، ودهاليزها وطرقها الملتوية. فالحجر السياسي ضرورة شرعية للحد من تعدي المشايخ واقتحامهم مجالات لا يحسنونها، وهو يحمي الشريعة ويصونها من أن تطالها ألسن عوام الناس وجهالهم، فيتهمون العلماء وطلاب العلم بالنفاق ولا يميزون بين عالم وعالم، وهو يحفظ جناب الشريعة من أن تتهم بالعجز عن مقاربة الواقع، وقصورها عن حاجات الناس واهتماماتهم. وحين نجد شيخاً أو عالماً يقحم نفسه في أمور السياسة وهو لا يحسنها ولا يجيد فنونها نجد تخبطاً واضحاً، وعدم وضوح للرؤية في الموقف المناسب من أي قضية سياسية، فبينما نجده يقف موقفاً مؤيداً في قضية معينة، نجده يقف موقفاً معارضاً في قضية مشابهة، مع أن المعطيات واحدة، وهذا سببه الخوض فيما لا يحسن ولا يتقن. وإذا كان الخوض في أمور الشرع أو الطب محظوراً على من يجهل الأحكام الشرعية، فإن الخوض في السياسة ودهاليزها يجب أن يحظر ويمنع منه من هو غير ملم بفقه الواقع، ومجريات الأمور، والتفاهمات الدولية، ومصالح الدول التي تحكم سياساتها. ولا أريد أن يفهم من كلامي أن الشيخ أو العالم لا ينبغي له أن يتكلم في السياسة، بل ما أقصده هو منعه من الكلام فيما لا يحسنه ولا يتقنه، وكما أن السفيه يختبر في المال ليعلم رشده من عدمه، فكذلك العالم يختبر من لجنة مختصة مؤهلة تنظر في أهليته من عدمها للخوض في أمور السياسة أو عدمه.
والحجر هو المنع من التصرفات المالية سواء أكان المنع قد شرع لمصلحة الغير كالحجر على المفلس للغرماء وعلى الراهن في المرهون لمصلحة المرتهن، وعلى المريض مرض الموت لحق الورثة في ثلثي ماله وغيرها، أم شرع لمصلحة المحجور عليه كالحجر على المجنون والصغير والسفيه.
كما شمل الحجر من يتعرّض للإفتاء وهو جاهل لا يعلم حقيقة الحكم الشّرعيّ فيضلّ ويضلّ وتصبح فتنة بين المسلمين من وراء فتياه، وكذا يحجر على الطّبيب الجاهل الّذي يداوي الأمّة وهو لا يعلم شيئا من فنّ الطّبّ، فتروح أرواح طاهرة بين يديه لجهله، وينتج من ذلك بلاء عظيم وخطب جسيم . وكذا يحجر على المكاري المفلس، لأنّه يتلف أموال النّاس بالباطل. وفي عصرنا أرى أن يقرر حكم جديد يتعلق بالحجر السياسي، وخصوصاً بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة تناقل الآراء والأفكار، وهذا الحجر متعلق بمن يتكلم في شأن العامة من طلاب العلم أو المشايخ وهو لا يتقنه أو لا يجيده أو لا يفقه أبجديات السياسة، ودهاليزها وطرقها الملتوية. فالحجر السياسي ضرورة شرعية للحد من تعدي المشايخ واقتحامهم مجالات لا يحسنونها، وهو يحمي الشريعة ويصونها من أن تطالها ألسن عوام الناس وجهالهم، فيتهمون العلماء وطلاب العلم بالنفاق ولا يميزون بين عالم وعالم، وهو يحفظ جناب الشريعة من أن تتهم بالعجز عن مقاربة الواقع، وقصورها عن حاجات الناس واهتماماتهم. وحين نجد شيخاً أو عالماً يقحم نفسه في أمور السياسة وهو لا يحسنها ولا يجيد فنونها نجد تخبطاً واضحاً، وعدم وضوح للرؤية في الموقف المناسب من أي قضية سياسية، فبينما نجده يقف موقفاً مؤيداً في قضية معينة، نجده يقف موقفاً معارضاً في قضية مشابهة، مع أن المعطيات واحدة، وهذا سببه الخوض فيما لا يحسن ولا يتقن. وإذا كان الخوض في أمور الشرع أو الطب محظوراً على من يجهل الأحكام الشرعية، فإن الخوض في السياسة ودهاليزها يجب أن يحظر ويمنع منه من هو غير ملم بفقه الواقع، ومجريات الأمور، والتفاهمات الدولية، ومصالح الدول التي تحكم سياساتها. ولا أريد أن يفهم من كلامي أن الشيخ أو العالم لا ينبغي له أن يتكلم في السياسة، بل ما أقصده هو منعه من الكلام فيما لا يحسنه ولا يتقنه، وكما أن السفيه يختبر في المال ليعلم رشده من عدمه، فكذلك العالم يختبر من لجنة مختصة مؤهلة تنظر في أهليته من عدمها للخوض في أمور السياسة أو عدمه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
إعلان