لمحة سريعة عن دولة تشاد
تقع دولة تشاد في منطقة وسط أفريقيا ذات أغلبية مسلمة، يحدها كل من السودان ونيجيريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والكاميرون، تعتبر اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد بجانب اللغة الفرنسية، والعربية هي لغة التواصل بين التشاديين في الحضر والبدو والقرى مع وجود عشرات اللهجات الأخرى الخاصة بكل قبيلة.
يعتمد اقتصاد تشاد بشكل رئيس على الزراعة والمواشي التذي يشكل (31.9 في المئة) من الناتج المحلي الإجمالي، ثم النفط (27 في المئة) من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى الخدمات وغيرها حسب بيانات الخزينة الفرنسية. لكنها في الوقت الراهن تعاني من أزمة اقتصادية ومالية خانقة؛ بسبب الفساد الإداري المتفشي في جميع أوصال الدولة. وقد صُنّفتْ من أفقر دول العالم؛ فبينما شعبها يبحث في سبل التعافي من هذه الأزمة الاقتصادية وتسوية الأوضاع، فإذا به يتفاجأ بقرارات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" التي تضع بلاده في قائمة الحظر الجزئي بجانب كوريا الشمالية وفنزويلا.
تشاد ومكافحة الإرهاب
رفعت تشاد لواء مكافحة الإرهاب وصدعت به منذ ما استفحل نشاط الحركات الإرهابية في أفريقيا جنوب الصحراء، فقد شارك جنودها في قتال الجهاديين في مالي مع القوات الفرنسية وغيرها، كما شنت حروبا ضروسا ضد مقاتلي "بوكو حرام" في نيجيريا وأجزاء من الكاميرون. وفي هذا الصدد يقول السفير الأمريكي السابق لدى نيجيريا أن "تشاد لعبت دورا هاما في قتال بوكو حرام شمال شرق نيجيريا، والجولات التشادية هي من أصعب الجولات، وخاصة في غرب أفريقيا".
كما أشار السفير الأمريكي لدى تشاد "غيتا باسي" (Geeta Pasi) إلى أنه في الآونة الأخيرة شاركت تشاد والولايات المتحدة مع البلدان الأفريقية الأخرى في فلينتلوك 2017، وآخر تكرار لممارسة عسكرية مشتركة سنوية تهدف إلى تعزيز الروابط وجهود مكافحة الإرهاب. وفي الوقت نفسه كان يؤخذ على تشاد تدخلها عسكريا في بعض الدول الأفريقية كجمهورية أفريقيا الوسطى وكونجو الديموقراطية (زائير سابقا).
قرارات البيت الأبيض التي تبدو غير منطقية
تلك العلاقة مع الإدارة الأمريكية، والجهود المبذولة من دولة تشاد لمحاربة الإرهاب لم تشفع لها في بلوغ رضا " ترامب والبيت الأبيض"، حيث فاجأها بقرار حظر السفر المعدل الذي أثار غضب حكومة تشاد وحير محللي السياسات والمراقبين السياسيين خارج إدارة ترامب. وفي هذا المضمار، قالت الإذاعة الغانية، فرع البيبي سي "أوفيبيا كويست-أركتون في نشرتها الصباحية": تشاد محيرة تماما من قرار الرئيس ترامب بفرض حظر على المواطنين التشاديين". واضافت "ان تشاد غير سعيدة لأنها تشعر بانها بذلت قصارى جهدها في الحرب ضد الارهاب دون جدوى".
واللغة الصادرة عن البيت الأبيض تبدو خالية من المنطق بشأن إضافة دولة تشاد في القائمة، إذْ ينص الأمر التنفيذي على أن: "تشاد لا تتقاسم بشكل كاف السلامة العامة والمعلومات المتعلقة بالإرهاب، وأنَّ العديد من الجماعات الإرهابية تنشط داخل تشاد أو في المنطقة المحيطة بها، بما في ذلك عناصر من جماعة بوكو حرام وداعش في غرب أفريقيا والقائدة في بلاد المغرب الإسلامي ".
أغلب الشعب التشادي لم يحلم أصلا بالذهاب إلى أمريكا؛ فضلا عن عدم مقدرته المادية للقيام بذلك. فيا ترى.. من صاحب الحظوظ المستفيد من هذه القرارات، |
وفي المقابل يأتي الرد التشادي على هذا القرار متسما بالدّهْشة والبرودة، إذْ عبرت فيه الحكومة عن دهشتها بهذا القرار، متلمسة من الرئيس الأمريكي إعادة النظر في هذا القرار الذي سوف يضر بسمعة البلاد؛ متناسية وضع البلاد الحرج الذي يحتاج إلى إصلاحات اقتصادية وسياسية، وبرامج إنمائية وطنية لتحسين الوضع الداخلي وبناء السمعة الخارجية (الدولية).
هل النفط هو سر إدراج تشاد في القائمة
كانت هناك تساؤلات حول ما إذا كان إدراج تشاد قد يكون له علاقة بالنفط أم لا؛ حيث كانت تشاد قد اتهمت شركة اكسون موبيل الأمريكية (Exxon Mobil) التي تصدر النفط الخام من تشاد بعدم الوفاء بالتزاماتها الضريبية تجاه الدول الافريقية. وسعت الحكومة التشادية إلى الحصول على غرامة بقيمة 74 مليار دولار بالإضافة إلى 819 مليون دولار من الإتاوات المتأخرة. وهذا الأمر سبب مشكلة كبرى للشركة داخل أميركا، خاصة مع المستثمرين الكبار المساهمون في الشركة والمتعاونون معها.
ويزداد الأمر وضوحا إذا علمنا أن الدول المجاورة الاخرى مثل نيجيريا، وهي قاعدة بوكو حرام، ليست مدرجة في قائمة الحظر. والسودان – وهي واحدة من ثلاثة دول فقط في القائمة الامريكية للدول الراعية للإرهاب – كانت مدرجة في قائمة سابقة ولكنها اسقطت في النسخة الاخيرة، فهل هي عملية استبدال بين السودان وتشاد، لأن السودان بعد تقسيمها لم يكن لشمالها أهمية كبرى لدى إدارة ترامب بسبب تقلص حجم نفطها فلابد من استبدالها ببلد نفطي في المنطقة؟!
بين هذا وذاك، أو بعد القيل والقال.. تبقى أسباب قرار إدراج دولة تشاد محاطا بشيء من الغموض وخارج المنطق السياسي والدبلوماسي، خاصة أنه كان جزئيا، حيث يحظر الشعب العاديين من دخول أمريكا بينما يسمح للدبلوماسيين وأعضاء الحكومة ومن في حكمهم بالدخول، مع العلم أن أغلب الشعب التشادي لم يحلم أصلا بالذهاب إلى أمريكا؛ فضلا عن عدم مقدرته المادية للقيام بذلك. فيا ترى.. من صاحب الحظوظ المستفيد من هذه القرارات، ومن هم المغضوب عليهم المتضررون من هذا الحظر والمنع؟!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.