تَمحًون جميع نماذج الحرية من مخيلته الصغيرة حديثة النمو بمخيلاتكم القديمة، وتُحطمون جميع أحلامه برؤياكم التي أرهقتها أغبرة السنين، فيرى فقط بأعينكم الحياة، فتحدثون أقصى ما يمكن من إحداثٍ لاختلال التوازن البيئي للحياة. فلو أن الله قد أراد بنا ذلك لما خلق لهم أعيناً أو حتى أدمغة، وكانت حِكراً لمن هم فقط الآباء! وكان يكفي أن ننظر طيلة الوقت وطيلة العمر بمنظوركم، ولما خلق الله أجيالاً تتعاقب باختلاف المنظور والزمن ومن ثم الأثر! يتكون لدى رجلكم الناشئ الصغير رؤية غير واضحة، يفقد فيها القدرة على تمييز الأشياء، أو العلاقات، أو الرغبات! يسير إثر تطوره وبلوغه، فيرى في مرحلة ما أنَّ الإناث لا يجب أن يٌتَعَامل معهم، وإلا وَقَعَ في شباكهن جميعاً، وبعدها تقع الفأس في الرأس!

سيعتبر أن لهم كوكباً خاصاً بهم، وأن للرجال كوكباً آخر، ويكأننا لا نشترك في كوكبٍ واحدٍ! سيرى بعد قليل من بلوغه في المرحلة الجامعية بالأخص، أنه إن تحدث مع إحداهن مٌحتم عليه وعلينَا أن يصيرَ الحديث حالة إعجاب ثم علاقة حب، لقد أنشأتموه أيها السادة الآباء على عدم الاتزان، وفقدان الرؤية الواضحة فمن أين له أن يفرق بين الصواب، والخطأ، وأن يعتدل بينهم! ثم بعد قليل إن حدث ما حدثنا عنه رسول الله "انظر لها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"، ونظر لإحداهن بغرض الاقتران بها وهو في عمر الاقتران كما هو حال جميع أقرانه "الأسوياء" الذين قد شرعوا في بدء حياتهم مع شريكاتهم، لقد أسمى نشئنا هذه المرة نظرته لها "ورطت نفسي"!
لقد أنشأتموه على أن اختيار شريكته هي تورط ٍ وَهَلاك، ومن الأفضل أن ينقذ نفسه دائماً من التورط في شراكة خلقها الله وفطرنا عليها! وجعل نظرة بتقوى الله مبتداها، فإما أن يؤدم أو ألا يؤدم! هذا شرع الله، وهدي رسوله لنا. رجلكم الناشيء ذاك، حين يمر بكل هذه الفترات سيعاني، وسيجعلنا نعاني بتبعيتنا له وأننا في مجتمع واحد وحلقة واحدة مفرغة. ثم بعد قليل إن أكرمه الله ب " تَوَرٌّطٍ" سيقترن بإحداهن، ولكنكم أنشأتموه على رؤية واحدة للأشياء لا تتغير أو تتبدل، سيرى شَريكتهٌ مٌلكَهٌ الجديد الذي وأخيراً له الحق أن يٌشَكِّلَهٌ ويرى فيه بعينه للمرة الأولى!
سيغض النظر بالطبع عن أنها كيان منفرد، وإنسان ذو رأيٍ، وَوجهة مختلفة عنه، ثم سيصيبها ما أصابه منكم سيلحق بها أضرارا كثيرة، بسبب تربيتكم القامعة التي صورت له الرجولة أنها ذلك الوحش المخيف المتمثل في أب متسلط، أو زوج لا يفهم، أو حتى رجل ذكر، لا رجل ذو رُجُولةٍ، وبدورها ستنقل كل ما أصابها من رجلكم الناشئ لأطفالها الصغار، للجيل الجديد، لدورة الحياة التالية، للمستقبل الواعد، ومن المحتمل هنا أن نعترف حينها أنكم قد تسببتم في إحداث كارثة تدمير أجيال واسعة، تفوق مخاطر الكوارث الطبيعية، وتعجز السنون أن تصلح ما أفسدتموه!
ارحموا رجالكم، وَارحموا أطفالكم، وَارحموا نشأكم الجديد. دعوهم يعبروا عن أنفسهم، واغرسوا في قلوبهم الحب، وفي عقولهم العلم، وفي أرواحهم تقوى الله، وفقط تقوى الله، كفيلةً أن تُصلح دورة الحياة، عسى بذلك نساعد في أن نعيش في مكان أفضل.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.