إلا أن تغيير واقع المواطن إلى الأفضل يقتضي بالضرورة وقبل كل شيء تغيير الواقع السياسي انطلاقا من مبادرة جدية تقودها المؤسسة الملكية وتتبناها الهيئات بمسؤولية السياسية بعيدا عن المشاحنات الضيقة التي تقدس "الأنا"، كذاك التقديس الذي حدث مؤخرا في مؤتمر حزب الاستقلال لحظة تطايرت الصحون، وتكسرت رؤوس الحاضرين بالكراسي.
نقول إنه وإذا كانت الدولة قد تمكنت قبل سنوات من إخماد فتيل 20 فبراير، ونجحت اليوم نسبيا في إخماد فتيل حراك الريف باعتمادها سياسة "فرق تسد" وباعتمادها مقاربة أمنية تمثلت في اعتقال متزعمي الاحتجاجات، فليس من الحكمة الاعتقاد أن هكذا سياسات ومقاربات ستنجح دائما، بل من المحتمل جدا أن تنعكس نتائجها سلبا، خاصة في ظل الوعي المجتمعي الحاصل على مستوى كل فئات المجتمع التي ما عادت تقبل بأن يزداد الفقير فقرا ويزداد الغني غنى..
وهو ما يعني أن وتيرة الاحتجاجات الشعبية ستتزايد خلال الأشهر المقبلة وقد تقود إلى الأسوء إذا لم يتم تدارك الأمر عبر إرادة تغيير حقيقية، وهي الإرادة التي لا تتوفر في الحكومة الحالية.. فإذا كنا سابقا قلنا إن إقالة حكومة سعد الدين العثماني تعتبر انقلابا على الشرعية، فإننا اليوم نقول إن إقالتها أصبح ضرورة شعبية لأنها لا تمثل هذا متطلبات الشعب بقدر ما تمثل رغبات واحتياجات السلطة التي ما زالت غير قادرة على استيعاب التغيرات الحاصلة في المجتمع المغربي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.