قد يستغرب البعض كيف استطاعت الدبلوماسية السودانية إدارة كل هذه الملفات وبهذه الحنكة والاحترافية العالية ولكن هذا الاستغراب يزول لو تعرفنا إلى قائد الركب وسيرته الذاتية المليئة بالخبرة والكفاءة اللازمة والتي أهلته ليكون على رأس وزارة خارجية بحجم دولة كالسودان إنه البروفسور إبراهيم غندور، فهو أكاديمي بارع وسياسي محنك ونقابي فذ فضلا عن كونه إداري ناجح.
أكبر التحديات التي واجهت الدبلوماسية السودانية في الفترة السابقة كانت الأزمة الخليجية، ففي الوقت الذي انقسمت فيه العديد من الدول ما بين مؤيد ورافض لإجراءات الحصار التي اتخذت ضد قطر وممارسة دول الحصار الضغوط لاتخاذ موقف تجاه الأزمة، وقف السودان موقفاً إيجابيا وصرح وزير خارجيته حينها بأننا نقف في عمق القضية وندعم موقف المبادرة الكويتية الداعي لإصلاح ذات البين بين الأشقاء في منطقة الخليج وقطع بذلك الطريق أمام الحالمين بممارسة ضغوط لتغيير وجهة السودان ورؤيته لحل مشكلات الإقليم.
بالنظر للأزمة الخليجية نجد أن مصالح السودان تتشابك وتتقاطع مع أطراف الأزمة، إذ إن السودان تربطه علاقات قوية واستراتيجية مع قطر في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية وحتى الثقافية منها، وبالمقابل علاقة السودان مع المملكة العربية السعودية أيضا لا تقل أهمية من علاقتها مع قطر ويربط البلدين علاقات سياسية متميزة، بالإضافة للعمل العسكري والأمني في المنطقة. بالإضافة لما سبق نجد أن السودان يشكل دولة محورية في إقليم شرق أفريقيا وله نفوذ كبير فيه، وقد مورست بعض الضغوطات والإغراءات لبعض الدول لاتخاذ موقف سلبي ضد قطر ولكن دول الشرق الأفريقي نأت بنفسها عن هذه المشكلة ولم تستجب لتلك الضغوطات.
من الحسنات التي تحسب لبروف غندور هو إعادة ضبط الوزارة واعتماد سياسة انفتاح واسع مع كل العالم واستيعاب كوادر شابة مؤهلة قادرة على إنجاز المهام الموكلة إليها |
وما يحسب للدبلوماسية السودانية من نجاح هو استطاعتها المحافظة على علاقتها الطيبة مع قطر في نفس الوقت الذي وطد فيه علاقته مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لدرجة أن جعلت هذه الدول تتدخل وبقوة لرفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن السودان، ومن إيجابيات نجاح هذه العلاقة هو تجنييب مصر من الدخول المباشر في هذه العلاقة لتغيير موقف السودان في العديد من القضايا التي تؤثر على أمنه القومي ومستقبله السياسي فيما يتعلق بالوضع في ليبيا ودول حوض النيل وغيرها.
إن الموقع الجغرافي المميز للسودان جعل منه لاعبا أساسيا في الكثير من القضايا والملفات التي تخص أمن المنطقة ومصالح دولها الاقتصادية والتنموية وتعتبر أثيوبيا من أهم الدول في شرق أفريقيا لذلك عمل السودان لدفع علاقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية مع الجارة أثيوبيا حتى وصلت لدرجة التكامل وصرح وزير الخارجية ابراهيم غندور في الفترة السابقة بأن إقليم شرق أفريقيا تحتاج أن يعمل البلدين سوية من أجل إنجاز المهام وقد سافر وزير الخارجية السوداني ووزير الخارجية الأثيوبي إلى جنوب أفريقيا والتقيا برياك مشار قائد التمرد في جنوب السودان من أجل الدفع بعملية السلام في الجنوب.
حققت الدبلوماسية السودانية في الشهر الماضي عدة إنجازات منها انتخابه عضواً بمجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ممثلاً للقارة الأفريقية بجانب كينيا، كما تم أيضاً اعتماد السودان عضوا في المجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية ممثلا لأفريقيا وذلك لأول مرة في تاريخ المنظمة التي تم تأسيسها في العام 1975 .
من خلال قراءتنا للموقف يمكننا القول إن ذلك حدث نتيجة التغييرات الكبيرة في ملف العلاقات الخارجية للسوادن، كما أن عهد غندور أيضا شهدت تغييرات فيما يتعلق بإستيعاب الكادر المؤهل القادر على إنجاز المهام وفي ذلك رفد الوزارة بالكثير من الكوادر المؤهلة. يمكننا القول إن الدبلوماسية السودانية اتخذت مسارات جديدة في التعامل الخارجي المتمثل في إعلاء المصلحة الوطنية والعمل على ذلك وفق التقديرات والحسابات الوطنية مع ماعاة مصالح الدول الشقيقة والصديقة وعدم الإضرار بها.
من الحسنات التي تحسب لبروف غندور هو إعادة ضبط الوزارة واعتماد سياسة انفتاح واسع مع كل العالم واستيعاب كوادر شابة مؤهلة قادرة على إنجاز المهام الموكلة إليها مما ينبئ بمستقبل مختلف نتمناه أفضل.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.