شعار قسم مدونات

الفقيه الذي نريد

BLOGS - رجل دين

الحاجة الملحة اليوم هي الإقامة الجبرية على المؤسسة الدينية داخل مجتمعها حتى لا تتجاوزه وتهتم بغيره متناسية مسؤولياتها تجاهه فلا تتجاوزه حتى يكون مجتمعا بمقاساتها مجتمعا سليما بنيويا على الأقل. فهذه المؤسسة يمكنها أن تفعل الكثير ضمن مجتمعاتها التابعة لها من تغيير للواقع إذا أرادت ذلك وأن تجلس ولو قليلا دون برجها وأن تقوم بعملية لترميم الأذهان حتى تتأقلم مع الواقع.
 

فالمؤسسة الفقهية يجب أن تنزل إلى مستوى الفقراء وتفكر في المشاكل الأساسية التي يعيشها المجتمع وكيف يمكن أن تضع فقها يحقق للمستضعفين الحد الادنى من الكرامة الإنسانية يؤصل للقاعدة الجليلة حيث وجدت منفعة فهناك شرع الله. فالفقيه ضمن هذه المؤسسة من هذا المنظور لا تقاس منفعته بعلمه الذي يحمل بين جنبيه ولا بدراهمه التي يتصدق بها أو تلك التي يفرقها ابتغاء الشهرة وابتغاء المكاسب السياسية بل يجب أن يكون مصلحا اجتماعيا داخل المجتمع بإصلاح الأوضاع الفاسدة من خلال وعيه يحاول أن يبعث الوعي. نحن لا نريد الفقيه الشكلي بصورته النمطية وتجهمه وضرائبه المالية وبصاقه الذي يباع وبركته التي تنشد وتشد لها الرحال إلى آخر الاصناف التي نعرفها جيدا دون الحاجة لوصفها حتى لا نومئ بالوصف إيماءات بالأصبع.
 

نريد الفقيه الذي يركز على القضايا الأولى في الرقي الاجتماعي، والقضايا الأولى في الإصلاح الاجتماعي. نريد الفقيه الذي يركّز على كيفية بناءنا كمجتمع موحد في الكلمة موحد في الموقف وان تكون له رؤية سياسية واجتماعية ايجابية.

نريد الفقيه الذي يقرأ للمجتمع تجربته للإصلاح لا أن يبرر له عاداته السيئة وفشله المجتمعي. نريد الفقيه الذي ينسى أوضاعه وأوضاع العالم كله ويركز على إصلاح نواة مجتمعه بادئا بعائلته الصغيرة. نريد الفقيه الذي يقرأ نقاط الفساد والتدهور والتخلف ويحاول أن يسد الثغرات ويحاول أن يقتلع جذور الفساد. نريد الفقيه غير ملتفت إلى بطنه مشغول بلقمة العيش وبالركض وراء تنمية الثروة. نريد الفقيه الذي يجلب لنا مراكز ثقافية وجامعات ومنظمات خيرية لا سياسية ولا مصلحية لسرقة فاعلي الخير. نريد الفقيه الذي يركّز على الأولويات ولا يركّز على الأشياء الهامشية. كالقضايا السخيفة مثل الاختلافات في بعض القضايا الدينية الفرعية والاختلافات في قضايا جزئية تركّز على النقاشات البيزنطية فقط.

 

 نريد الفقيه الذي يركز على القضايا الأولى في الرقي الاجتماعي، والقضايا الأولى في الإصلاح الاجتماعي. نريد الفقيه الذي يركّز على كيفية بناءنا كمجتمع موحد في الكلمة موحد في الموقف وان تكون له رؤية سياسية واجتماعية ايجابية وأن يكون له وعي وقراءة لمستقبلنا ومستقبل أوضاعنا ورؤية نحو أجيالنا وأجيال أجيالنا. نريد الفقيه الذي يمتلك سعةً في الأفق، وبعدًا في النظر، وانفتاحًا على مستقبلنا، بعد الانفتاح على واقعنا، وقراءة ماضينا. نريد الفقيه الذي ينتقد ويخالف ضمن أدب النقد. نريد الفقيه الذي يقرأ تجربته ويحاسبها ويفرز سلبياتها ويسجّل نقاط الضعف والثغرات فيها كي يصلحها ويتلافاها.

ختاما يستطيع الفقهاء لنفوذهم الاجتماعي والتبعية الغير مناقشة لأفكارهم من طرف الاغلبية السطحية أن يغيروا العقليات فعندما يظهر كبار فقهانا في الاعلام ويتكلمون صادقين ولا أقصد هنا المناورات السياسية والاجتماعية وأن يأخذوا مشعل محاربة هذه العادات السيئة في المجتمع كالعنصرية مثلا والعقليات المتخلفة لتعبيد المرأة ونهب المال العام والتجاوزات المعروفة ضمن الحكومات القائمة وسوء التسيير الى آخر القائمة الطويلة من ويلات المجتمع المعروفة ضمن منظومة المجتمعات التي تعاني فشلا اجتماعيا ذريعا سنكون هنا أمام بداية تغييرية جذرية عندها سنقبل يد الفقيه ورجليه ورأسه وعندما لا يكون الفقيه هكذا فلا نقول له سوى ما قيل لأم عمر وحمارها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.