شعار قسم مدونات

رفقاً بقواريركم

blogs- مسلمة

أحكمت قيد شعرها للخلف بربطة مهملة، وسمحت لتقصفاته بالعيش بحرية مجدداً، ما كان منها إلا أن تسمح لدمع عينيها بالتواتر الرتيب على شقوق خدها اللين، ما كانت تعي يوما أنها ستكون ضحية لذنب ما اقترفته يوماً ولا خطت بخطواتها اتجاهه فوقعت به لتُجَّرَّم.

أصوات أنفاسها المتقطعة واللاهثة هرباً من الحزن فما استطاعت، تروي جيداً كيف أن الظلم لبريء جشع لا يهونه سيل من كلمات المواساة ولا حضن من أهل أو أقرباء، قد نامت في تلك الليلة مطمئنة غافية على أحلامها الوردية بمستقبلها الذي تعدّه، فما ظنت أنها ستصبح حديث الصباح على فنجان قهوة بين الجارات، أو يكال لها سيل من التهم في مجالس الناس دون أن تسأل عن صحة ما تناقلوه.

في عز وهجها كانت كالقمر حين اكتمل فأطفئوا الوهج عنوة دون سبب، إشاعة ما لبثت أن تضخمت، تناقلها الرجل قبل المرأة والصديق قبل العدو والقريب قبل الغريب دون أن ينتبه أحدهم أنه يخوض ويموض بشرف فتاة دون أن يتأكد، فغابت مخافاة الله وبدأ كل من اعتاد على القذف بتوجيه أبشع التهم.
 

غافلين نمضي، نهتك الأعراض ونفتحها كسيرة تراق على فنجان الصباح، ننسى أننا لدينا أبناء وبنات قد يطالهم لظى ألسنة الناس كما طالت ألسنة من قبلنا، نبدأ الإشاعة بكلمة ونحكيها دون اتفاق لنصل بالنهاية لقصة بأحداث وأشخاص وتوقيت وزمان.

لم يسمع أحدنا الله حين قال: "إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" رغم أننا نقراها في بيوت الله كلما فتحنا كتاب الله، ولم نخجل أن نرددها خلف الإمام دوماً ونمثل الخشوع على أنفسنا وغيرنا دون أن نأخذ بها حداً فعلياً لألسنتنا، فما استمعنا لآياتنا وأطلقنا السمع لمثلنا من البشر وأخذنا بأرجلنا إلى هلاك سنسأل عنه يوم حسابنا، وأين لنا حينها من مفر أو عذر. 

غافلين نمضي، نهتك الأعراض ونفتحها كسيرة تراق على فنجان الصباح، ننسى أننا لدينا أبناء وبنات قد يطالهم لظى ألسنة الناس كما طالت ألسنة من قبلنا، نبدأ الإشاعة بكلمة ونحكيها دون اتفاق لنصل بالنهاية لقصة بأحداث وأشخاص وتوقيت وزمان وكله من ضرب أخيلتنا، نأخذ القصة ونكررها يوما وآخر وربما شهراً وثم ننسى، وتبقى هي تلف بمرارتها المظلوم ليال وسنين، نجعله يكابد نار ما تلفظنا دون أن ندري بفظاعة ما اقترفنا.

رفقاً بقواريركم، نادانا أشرف الخلق وأوصى، فما اتبعنا هديه ولا قاومنا زلاتنا، تركنا أشغالنا وبغير غيرنا ما انشغلنا، تلك الفتاة متبرجة، واتهمنا الأخرى التي وقفت مع زميلها بيننا بقصة حب خيالية لم يدروا بها، وتلك المرأة المتزوجة إن حدث الخلاف بينها وبين زوجها ما أسرعنا أم نخونها ونشكك بنسب أطفالها، ونصبنا أنفسانا إله في الأرض نحكم ونقرر عن الناس ونستشرف على حساب الآخرين. 

لتلك التي أعرفها جيداً ولأولئك الكثيرات اللواتي لم أسمع ضجيج أنفاسهن حين رمين بأبشع التهم، ولم أمسح عبرات إحداهن في عتمات الظلم، الورد يبقى وردا مهما تأذى وإن تكالب الخريف فمسه من خشونته فإنه لا يلبث ويرحل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان