شعار قسم مدونات

انتخابات الصومال: لا للمراهنة على أثيوبيا

blogs - somalia
انتعشت العملية الانتخابية في الصومال بعد شدٍّ وجذبٍ وتكرُّر تأجيلات موعد الانتخابات الرئاسية عن قصد بهدف امتصاص غضب الشعب واستنزاف الحملات الانتخابية المعارضِة؛ وذلك ضمن حلول استغبائية مخططة من طرف واحد أدَّت إلى أقصى درجات اليأس لدى العامة؛ في حين يراهن الطرف الموازي أن ينقلب السحر على الساحر، لا أن يقبل الجميع نتائج الانتخابات مهما كان الفائز فيها وفق المخطط المشبوه، وبذلك تعددت الحيل والهدف واحد؛ ولا هم يُستَعتبون.

ومع اقتراب ساعة الصفر قبيل نهاية شهر يناير الجاري؛ حيث تُجرى الانتخابات الرئاسية، والتي قد تُحسم نصف معركتها في الأسبوع الثاني من هذا الشهر -كما هو مقرر- لصالح أي طرف يفوز مرشحهم في رئاسة البرلمان على اعتبار أن ذلك مؤشر أوليٌّ لتنبؤ الرئيس الصومالي المرتقَب بعد أن يسقط تلقائيا جميع المرشحين المنتمين إلى نفس قبيلة رئيس البرلمان المتوقع انتخابه وفق معايير المحاصصة القبلية المعمولة بها في الصومال.

من التناقضات المثيرة للسخرية أن يحظى بثقة إثيوبيا من كان بالأمس القريب متَّهما بالتحالف مع إسلاميين إخوانيين.

الجديد في هذا الموسم زيادة التنافس إلى حضن الجارة إثيوبيا التي تضطلع أدوارا محورية في المنطقة، والتي لا منازعة في كونها الوكيل المعتمَد لدى الغرب في مواجهة المدِّ الإسلامي بشرق إفريقيا، ولا غرو أيضا في أن يتسابق المرشحون للرئاسة إلى إثيوبيا لأخذ صك الموافقة منها، وربما أداءاً لواجب الطاعة أو طمعاً في ثقة من يقف وراء عملاق شرق إفريقيا من القوى الغربية، وفي مقدمتها أمريكا، ولكن الأمر المستهجَن جدا هو أن يتم استدعاء بعض قادة الصومال "علناً" بين الفينة والأخرى؛ لتلقي الإملاءات وتنفيذها على أرض الواقع؛ حتى بات مقياس قوتهم بمدى قربهم من أديس أبابا؛ وذلك في مشهد أقرب ما يكون إلى المنافسة على العمالة والحضيض والشرب من القاع النَّتن منها إلى المنافسة والفوز في السباق الرئاسي المحتدم.

يطول الحديث عن تحليل الوضع وتداعياته وعزوف الشرفاء أو بالأحرى إبعادهم عن السياسة في الصومال، ومدى قصور الدول العربية والإسلامية عن دورهم من حيث الدعم المادي والمعنوي اللازم للصمود بكل اعتزاز وفخر أمام القوى المتفانية في إبقاء الصومال "مشَّتتة" في ذليل القافلة؛ رغم ما لديها من مقومات التصدُّر في المشهد على كافة الأصعدة.

ويرى المراقبون أن السيناريو المرسوم سيؤدى -لا محالة- إلى الاستسلام الكامل والمتمثل في قبول ضم الصومال إلى إثيوبيا كولاية سادسة تابعة رسميا للحكومة المركزية في أديس أبابا؛ وذلك بالنظر إلى الواقع الراهن والخطوات المتسارعة نحو إضعاف العلاقة بين المركز والأطراف في الصومال مقابل تنامي علاقات حكام الولايات الصومالية مع إثيوبيا بشكل مطَّردٍ على حساب المصلحة القومية، هذا، إلى جانب تزايد التواجد الخفي والعلني لأثيوبيا في جميع أرجاء الصومال، وكم يكون مثل هذا التحليل منطقيا عند سماعنا لشائعات ويكيليكس بشأن ضلوع دول عربية في إزاحة الصومال من الوجود وتوزيع أراضيها إلى الجارتين إثيوبيا وكينيا.

ومما يخطط له أيضا عودة القوات الإثيوبية إلى العاصمة مقديشو بعد مرور الذكرى العاشرة لاقتحامها في نهاية عام 2006؛ وذلك بالضغط على الكتيبة البوروندية العاملة في قوات حفظ السلام الأفريقية "أميصوم" وإجبارها على الانسحاب لتحل محلها قوات إثيوبية لتأمين الوضع لصالح مرشحها المفضَّل في وجه أيِّ انتفاضة شعبية قد تتصدى له بحسب رؤية بعض المحللين .

ومن التناقضات المثيرة للسخرية أن يحظى بثقة إثيوبيا من كان بالأمس القريب متَّهما بالتحالف مع إسلاميين إخوانيين، ولا تفسير لذلك سوى أننا نشهد مرحلة حرجة تتساقط فيها الأقنعة المزيَّفة مهما برَّر لها المبرِّرون على حساب القيم والمبادئ وإرادة الشعب الصومالي؛ معوِّلين على سياسة التَّمسكن حتى التَّمكن حسب اعتقاد بعضهم.

وأخيرا؛ نقول.. نعم للتَّعايش السلميّ مع الجارة إثيوبيا بكرامة واحترام متبادل بين الطرفين وفق منهجية قائمة على العدالة والمساواة والمصالح المشتركة وحسن الجوار؛ وذلك بعيدا عن ما تشهده الساحة من فرض أجندات وشخصيات غريبة الأطوار ومستعدة لبيع الوطن، والتنازل عن ثوابت الأمة وقيم المجتمع الصومالي بسهولة، ومع ذلك ..كلنا أمل بأن يتولى قيادة دفة السفينة –يوما ما- وطنيون أوفياء.. أحرار في قراراتهم المصيرية، ومنحازون لقضايا أمتهم ويترجمون عن تطلعات شعبهم مهما كانت التضحيات، ومهما تسلَّط علينا عملاء الأعداء، وفاز المرتشون بالمناصب العليا، وإنَّ غدا لناظره قريب..!

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان