يناير الفلسطيني

blogs - hamas
ثمة مواعيد أُبرمت في يناير من هذا العام يبدو من خلالها الشهر مثقلاً بالهم الفلسطيني..هو لا شك يناير بعيوننا كفلسطينيين نراقب ونتابع عن كثب كل حراك يدور حولنا ويلامس قضيتنا.

وربما الأبرز في هذه الأحداث هو ملف المصالحة القديم الجديد الذي يتصدر المشهد الفلسطيني.
لا نبالغ إذ قلنا إن جولات المصالحة الفلسطينية مرشحة للدخول في موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية.

فقد عُقدت لقاءات كثيرة تحت عنوان المصالحة في عدد من المدن و العواصم العربية والعالمية كالدوحة ومكة المكرمة ومرت بالقاهرة وجالت وفودها في الإمارات واليمن وتونس ووصلت حتى السنغال، ومنها ما كان داخل فلسطين كاتفاق الشاطئ، ومع ذلك فشل المجتمعون لأسباب يعرفها المواطن الفلسطيني العادي ويعلمها جيداً المتحاورون أنفسهم في الوصول إلى حسم ملف المصالحة.

وقد دخلت موسكو للمرة الثانية على خط المصالحة بعد تجربة متعثرة عام 2012 ويأتي هذا الدخول بعد جولة محادثات جنيف في سويسرا قيل عنها أنها بطابع أكاديمي استشاري وفي إطار دعوة مركز أبحاث ودراسات وهو ما يشاع حالياً عن ترتيبات موسكو لتقريب وجهات النظر بين حركتي فتح وحماس.

مفتاح المصالحة يكمن في التحرر من الضغوط الإسرائيلية والانعتاق من ربقة الدول المانحة للسلطة الفلسطينية والخضوع التام لرغبة الشعب الفلسطيني.

لا شك أن هذا المسعى الروسي هو جزء من مجمل الجهود المبذولة في المحصلة باتجاه ملف المصالحة وبالطبع للروس رؤيتهم في ذلك بغض النظر عن الأهداف المعلنة التي عبر عنها السيد بوغدانوف بقوله أنها في إطار تهيئة الأجواء لمؤتمر باريس الدولي بحيث يكون هناك وفد فلسطيني موحد للحوار مع الطرف الإسرائيلي وهذا ما يشكل أولوية لدى القيادة الروسية بحسب بوغدانوف أيضاً.

لكن بتقديرنا لروسيا رغبة في لعب دور في قضية صراع مركزية من قضايا العالم وهي ضمن مساعيها ومحاولاتها الحثيثة لكسر سياسة القطب الواحد ونهج التفرد الأمريكي وربما هي خطوة في ربع الساعة الأخير قبل مجيء الرئيس الأمريكي ترامب في العشرين من هذا الشهر لذلك كان التوقيت في منتصف يناير الحالي ولمدة ثلاثة أيام وبما ينسجم مع موعد مؤتمر باريس الدولي.

لا يبدو ولايمكن أن يكون هذا الحراك بمعزل عن العين الإسرائيلية ولكن لا نستطيع أن نجزم برضا "إسرائيل" حول هذه الخطوة أو حتى القبول بها مع التسليم بحالة التنسيق المستمر مع موسكو والذي ظهر جلياً في الهدنة السورية الأخيرة بما يعكس حراك متناغم ومصالح مشتركة للطرفين.

وعدم جزمنا بالرضا الإسرائيلي أو القبول وحتى بالحد الأدنى تمرير مايجري ينبع من قناعتنا بأن الانقسام مصلحة إسرائيلية محضة ولن يكون الخلاص في مصلحة الإسرائيلي إلا إذا كانت النتائج كفيلة بجر الطرف الفلسطيني إلى مؤتمر باريس الدولي لتقديم تنازل جديد على حساب القضية الفلسطينية وهذا غير واضح حتى اللحظة في ظل رفض الجانب الإسرائيلي الذهاب للمؤتمر ما استدعى أصلاً تأجيله حيث كان مزمع عقده في ديسمبر الفائت وإذا ماتم انعقاده في الموعد الجديد بمنتصف يناير الحالي فسيكون من دون حضور الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

ويبقى المهم في ملف المصالحة الفلسطينية هو الوقوف بحق على أسباب ومبررات الفشل في كل الجولات السابقة والتي نعزوها حقيقة لغياب الجديّة في التعاطي معه وتغليب المصالح الفئوية والحزبية على المصلحة العامة للشعب الفلسطيني وإلا فإن توفر مساعي جادة لذلك من شأنه حسم الملف والتوصل لمصالحة تُنهي الانقسام في أضيق "زاروب" ضمن أحد مخيمات الشتات أو أصغر حي من أحياء فلسطين لأن المطلوب هو تطبيق ماتم التوافق عليه مسبقاً وليس إضاعة الوقت في جولات حوار جديدة ومكررة.

باختصار مفتاح المصالحة يكمن في التحرر من الضغوط الإسرائيلية والانعتاق من ربقة الدول المانحة للسلطة الفلسطينية والخضوع التام لرغبة الشعب الفلسطيني والانسجام مع آلامه وآماله لتحقيق طموحه في الوحدة الوطنية.

في يناير لهذا العام لا يمكننا تجاوز موعد آخر مهم، فلا بد حقيقة من الإشارة إلى الدعوة لانعقاد اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني في العاشر والحادي عشر منه في بيروت والتي وجهها السيد سليم الزعنون لجميع الفصائل بما فيها حماس والجهاد الإسلامي حسب قوله، وهي من دون شك خطوة جيدة وفرصة مهمة وحقيقية لرأب الصدع الفلسطيني الفلسطيني إذا ما تمت من دون أي تدخل خارجي وفيما إذا انصاع الجميع لصوت ومصلحة المواطن الفلسطيني بعيداً عن التوظيف والاستخدام لمجمل النظام السياسي الفلسطيني الحالي، ليصير إلى بناء أسس تمكننا من إرساء دعائم مشروع وطني حقيقي لمواجهة التحديات التي تعصف بقضيتنا الفلسطينية في ظل موج متلاطم من الأحداث في المنطقة والعالم أجمع.

ويبقى القول تُرى هل يسفر يناير الحالي عن انفراجة ما في ملفات القضية الفلسطينية؟ أم يبقى الوضع على حاله وربما يتجه نحو الأسوأ في إطار هذا الزخم من الحراك الذي يشمل مفاصل مهمة وحساسة من هذه الملفات؟!

بانتظار الإجابة نراقب ما سيرشح من نتائج وفق جميع المجريات والتطورات على مدار هذا الشهر على أمل أن يكون يناير فلسطيني بامتياز.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان