قاعدة الضرورات تبيح المحظورات حتما مقيدة بشروط ومعايير ولها ضوابط شرعية يصبح حينها المحظور مباحا. |
الغاية تبرر الوسيلة.. فلينظر كل واحد منا إلى نفسه، ربما يجد أنه يتبنى هذه القاعدة عمليا في مكمن سره، فلا ينظر إلى الوسائل التي توصله لغاياته من حيث القيم والمبادئ والمشروعية.
السؤال الذي يطرح نفسه، إن كان لتلك القاعدة كل هذه الأضرار فهل نستطيع أن نلغي هذه القاعدة من حياتنا، ونعتبرها قاعدة خاطئة لا تصح بأي شكل من الأشكال؟!
أولا من البديهي أن صاحب الغاية النبيلة يبحث في البداية عن الوسائل السليمة والصحيحة، وصاحب الغاية الذي لا يحمل الخير لشعبه ومجتمعه وبيئته يبحث دون تردد عن أية وسيلة توصله لغايته الخبيثة، ولا يبالي مهما حملت تلك الوسائل من أضرار ومخاطر على المجتمع، وتجدر الإشارة إلى أن كثيرا من الناس لا يفرق بين قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة" وبين القاعدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات"..
قاعدة الغاية تبرر الوسيلة -كما ذكرت- هي ليست مقيدة بشروط ومعايير وفتحت الباب على مصراعيه وميكافيلي قد فسرها تفسيرا يدل على عدم تقييدها بأية شروط.. أما قاعدة الضرورات تبيح المحظورات فهي حتما مقيدة بشروط ومعايير ولها ضوابط شرعية يصبح حينها المحظور مباحا..
فعند الإكراه يجوز الكفر شرط أن لا يكون الكفر قلبيا، وكالتورية أيضا في بعض الحلات وكالكذب في الإصلاح بين الناس.. وعندما قال النبي صلى الله عليه لنعيم بن مسعود رضي الله عنه: "الحرب خدعة".. فقد قيدت الخدعة في حالة الحرب فاعتبرت حالة استثنائية لا تصح إلا بموجب الحرب.. فيمكننا أن نعدّل على القاعدة الأولى فنقول: أن الغاية (قد) تبرر الوسيلة إن كانت الغايات نبيلة والوسائل مشروعة.. وأن الوسائل المشروعة يجب أن تكون مقيدة وتسير في فلك الضرورات التي قد تبيح المحظورات..