شعار قسم مدونات

زلزال الشرق

blogs - شرق أوسط
الشرق الأوسط المنطقة الجغرافية الغنية عن التعريف والواقعة في قلب العالم وقد أصبح الشرق الأوسط قضية العالم بأسره، المنطقة الغنية بالنفط والثروات والموارد والخيرات تتحول إلى ساحة حرب يتصارع فيها العظماء وتسفك فيها دماء الأبرياء وتنهار الحضارات والقيم والمبادئ وتتحطم آمال الشعوب وطموح الناس، فقد الناس الأمل في العيش في سلام الشرق الأوسط، لم يعد لديهم بارقة أمل في الحياة.

القوي يفتك بالضعيف، فمنذ غزو العراق والمنطقة عنوانها الفوضى والدمار والعنف، هذا حال الشرق الأوسط اليوم. المتتبع للواقع الجيوسياسي للشرق الأوسط يدرك ببساطة أن المنطقة تعيش إرهاصات كبيرة تتنبأ بتحولات مرعبة وجذرية.. تحولات قد تطال السياسة وقد تصل إلى الجغرافيا، ويتضح ذلك فيما حدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا.

 
فالتحولات الحاصلة رسمت لوحة سياسية للشرق الأوسط كان حبرها دماء الأبرياء وأقلامها صواريخ الدول العظمى، لوحة سياسية حجمت من النفوذ الأمريكي في عهد إدارة أوباما مقابل تمدد عسكري غير مسبوق للروس في عهد بوتين القيصر.. تحولات الجغرافيا في الشرق الأوسط ظهرت بشكل كبير فانهار مفهوم سيادة الدول وأصبحت الحدود هشة وتقاسم النفوذ بات واضحاً.

بدو واضحا وجليا أن الروس لن يسمحوا بتراجع نفوذهم ولن يقبلوا بالانسحاب من أكثر مناطق العالم صراعا على النفوذ، لن ينسحب الروس بعد الذي حققوه من مكاسب

يمكنني القول إن المنطقة على صفيح ساخن ولم تعد تتسع لمزيد من الصدامات والصراعات، لكن الأوضاع في عهد ترمب الرئيس باتت مرشحة لمزيد من التصعيد غير المسبوق بشكل مفاجئ وبدون مقدمات.. دونالد ترمب رجل البيت الأبيض الجديد يوجه قرارا إلى وزارتي الدفاع والخارجية وفق وسائل إعلام أمريكية كبرى يتضمن ذلك القرار إنشاء مناطق آمنة في سورية، وفي القاموس السياسي العسكري تتطلب تلك المناطق أي الآمنة فرض حضر للطيران على تلك المناطق واستخدام قوات كبيرة من المشاة على الأرض ومنع أي هجمات من وإلى تلك المناطق في الوقت الذي يسيطر الروس على المجال الجوي للأراضي السورية. 

القرار الذي يبدو أنه مثير للجدل كان مرحبا به في تركيا وبعض من الدول الإقليمية وصمت من الحلفاء الأوروبيين، وتحذير غير مسبوق من موسكو جاء على لسان المتحدث باسم الكرملين وتضمن التحذير الروسي عبارات تصعيدية إذا هددت فيه موسكو بعواقب وخيمة لمثل هذا القرار، وأن أي تحرك عسكري يتطلب التنسيق مع موسكو ودمشق بشأن ذلك.

لكن المثير في هذا القرار أنه جاء في وقت يخوض رجل الدبلوماسية الروسي سيرغي لافروف زخما دبلوماسيا لإيجاد قاعدة سياسية لحل الأزمة السورية وجمع أطراف المعارضة السورية.. هل يكون قرار ترمب مقدمة لعدة قرارات ستتخذها إدارته لمواجهة نفوذ روسيا وإيران والإجهاز على نظام الأسد، وهل تعيد الإدارة الأمريكية الجديدة الدور الأمريكي القيادي في الشرق الأوسط فتقبض على زمام المبادرة ولكن ذلك يبدو أنه ضرب من الخيال أو شبه مستحيل، لأن قرارات من شأنها تحجيم النفوذ الروسي قد تثير ردة فعل غير مسبوقة من الروس.

هل يفعلها دونالد ترمب، هل تحدث إدارته زلزالا أمنيا في عمق الشرق الأوسط لا تنتهي ارتداداته الاهتزازية.. يبدو واضحا وجليا أن الروس لن يرضوا بذلك ولن يسمحوا بتراجع نفوذهم ولن يقبلوا بالانسحاب من أكثر مناطق العالم صراعا على النفوذ، لن ينسحب الروس بعد الذي حققوه من مكاسب، فمقابل تراجع نفوذهم في سوريا سيعني مغادرة تدريجية للساحة الدولية. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.