شعار قسم مدونات

تحولاتنا الفكرية من يتحمل مسؤوليتها؟!

blogs - فتيات مسلمات
مثلي مثل كثير ممن نشأ في بيئة يقول عنها أصحابها "إسلامية" تربيت على بعض المبادئ والأراء ونقلت إليّ كأنها ثوابت وقول فصل لا مرد له ولا رجعة فيه، لأكتشف فيما بعد أنها لا تشبه الواقع في شيء وتختلف عن الواقع والتاريخ وكل شيء!

كنت في طفولتي أنتقل بين المساجد ما كان منها تابعًا للإخوان أو للسفليين بشكل أو بآخر، وهذا عموما شائع ومعروف في محيطنا العربي وبين فتاوى هؤلاء وهؤلاء. ثم كبرت لأجد كثيرا من الفتاوي والأراء التي لا تشبه ما عرضه أي الفريقين!

خاض الإسلاميون سجالات وجدالات وحوارات على المستوى العام والخاص حول قضايا وكأنها كل الدين؛ كبرنا بين فتاوى تحريم الغناء والموسيقى. وصدعت رؤوسنا وأهلكت أوقاتنا في نقاشات النقاب وحكمه وموقف الشرع وأراء العلماء وجلست إلينا معلماتنا مرات عديدة تحدثنا عن حرمانية النمص دونما أن تطلعنا على آراء العلماء واختلافاتهم، بل ربمّا دون أن تعرف هي معناه اصطلاحًا ولغة قبل هذا كله!

ربى الإسلاميون أبناءهم ومحبيهم على أنهم صفوة في المجتمع أو على الأقل يتميزون عنه في الهدف والغاية! بل ربما يمكنني القول إن الإسلاميين عزلوا أبناءهم عن المجتمع وقوقعوهم داخل بوتقة ظنوا هم أنها مختلفة عن المجتمع. وتشبه ما يقولون عنه إنه مجتمع إسلامي! ثم عند أول تقارب حقيقي بينهم والمجتمع اكتشفوا حجم الكذبة التي عاشوها وقضوا من أجلها سنينا من عمرهم!

كبرت لأجد بعد المسافة بين ما تربيت عليه وبين الواقع من حولي. وأن كثيرا مما تربيت عليه كان وهما ولو بحسن نية!

كبرت الآن فوجدت أن الفتاة التي تضع حجابا لا يتوافق مع ضوابط الشرع قد تكون أفضل مائة مرة عن أخرى منتقبة تكذب وتنافق! وأن ملابس النساء وهيئتهن في الشوارع حتى وإن خالفت الشرع لا تعطيني الحق في الحكم عليهن. وأن الحكم عليهن وعلى النوايا يخالف الشرع والدين وليس بهين عند الله!

كبرت فوجدت أن بعض ما عرفوه لنا في الصغر بأنه أناشيد إسلامية كثير منها سرق لحنه من أغاني "عادية". وكأنمّا السرقة حلال حتى لو كانت سرقة فكرية لكن الموسيقى حرام طبعا!

كبرت لأجد أن الأصل عند العلماء الاختلاف إلا ما ورد فيه نص ثابت بالقرآن والسنة النبوية. وأن كل يأخذ منه ويرد إلا النبي صل الله عليه وسلم. وإن أصابت امرأة وأخطأ عمر رضى الله عنه. وأن وأن وأن..

كبرت لأجد بعد المسافة بين ما تربيت عليه وبين الواقع من حولي، وأن كثيرا مما تربيت عليه كان وهما ولو بحسن نية! وصلاح النية وحسنها لا يكفي على أي حال.

لست الآن نادمًة على هذا كله لأن المرء ابن تجربته وما يمر به، ومتى أدرك ما كان فيه وتراجع عنه كان ذلك خيرا له من الاستمرار في الخطأ وأن تأخذه العزة بالإثم!

لكن السؤال الأهم هل تراجع الإسلاميون عما كانوا عليه وهل أدركوا هم هذا؟! هل عندهم القدرة على الاعتراف بأخطائهم!
أتمنى..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.