أكتفي بِكُم قدراً وهيبةً واحتراماً، وأقفُ متجليةً صامتةً مستنفرةً من ُمؤلفٍ مخضرمٍ ومخرجٍ فَذ، يُحيكُ ويتقن هذا العمل من الدراما المخيفة، ويَحبِكَ كل مقطع منها بعناية شديدة، ليثقلَ همَ المشاهد الأول أكثر وأكثر، ويجعله ينتظرُ الحلقة الاخيرة بشوق مرير، وحاجب مرتفع، وجيبانِ مفلسان، ووخزاتِ إبر تخديرٍ في كل مكان .
لا أَذكر ان كان لهذا العمل بدايةً أو ستكون له حتى نهاية، لكنني أعلم ان هذا المسلسل بدأ منذ زمن وما زال مستمراً، والغامض وغير المعروف بداية ِوقته بالتحديد، فقط وحدهم هُم من يعرفون، والمشاهد هوَ من بدأت عليه اللعبة وأصبح حقلَ تجاربٍ لتلك الدراما الذهبية، متقنةِ الصنع، هادئة الحركة، تُطهى على نارٍ خفيفة، كي لا تحترق آخر حلقة، الآن فقط سأبدأ بكتابة ما يدور في نفسي من تساؤلات مريبة لا أجد لها جواباً، حول هذه الحكومة الغريبة :
لماذا نحن؟ لماذا نتقن فن التمثيل كشعب وحكومة ودولة؟ ولمن؟ وكيف كل هذا؟ ومن المستفيد؟
وحَدها فقط منابر التواصل الاجتماعي التي صنعت للأصم نطقاً وللمكفوف عيناً وللأبكم صوتاً، ليبلوروا كل ما يشعرون به إلى حروفٍ بسيطة ونصوص قصيرة للتعبير. |
قبل مدة توالت أحداثاً خطيرةً وصعبةً على الأردن، من حيث الكَمِ والنوع، من عنف جامعي، وانتحار، وقتل واغتصاب، وأعمال ارهابية جمة، واتفاقيات بالجملة، وإقالات واستقالات، وتخبط حكومة، وبطالة وفقر متقع، وضياع حقوق، وتفشي المخدرات، وعمالة أطفال، وزيادة أعداد اللاجئين، وتدني الرواتب، لم يحسب لها حساب والعداد لا يتوقف، بل في تزايدٍ مستمر، يشتد وتيرته تارة ويهدأ تارة اخرى، كل هذا وذاك حسب وقوعِ حجر النرد في اللعبة، الدور على من وبيد من؟ بمشاركة الأغلب، وباستمتاع البعض، وصدمة البعض الآخر.
وحَدها فقط منابر التواصل الاجتماعي التي صنعت للأصم نطقاً وللمكفوف عيناً وللأبكم صوتاً، ليبلوروا كل ما يشعرون به إلى حروفٍ بسيطة ونصوص قصيرة للتعبير عن كل ما يجري حولهم سواءً بالرفض أو القبول أو الاستنفار، أما بالنسبة للواقع، فلا أحد يستطيعُ تحريك شَيْءٍ سوى الخضوع للأوامر والتعليمات القاهرة، من ضرائب ورسومٍ وفساد جامح، ورضا مستميت، من دون نقاش سابق.
حلول تشويهية
ما نراه نحن في جيوبنا المثقوبة كشعب، تراه الحكومة الأردنية كسبائك ذهب ثقيلة تسحبها واحدة تلو الأخرى لسد عجزها المالي، وهي حلول تشويهية لا تزيد العجز إلا عجزاً وفقراً على المواطن الأردني، وبعيدا عن كل ذلك هي أيضا صورة لغياب العدالة حتى في فاتورة التعاطي مع هذه الأزمة الاقتصادية التي خلقها أولئك الذي يتربعون على تلك المناصب المرصعة والمصنوعة من أموال الشعب، لن أتطرق أو أتحدث عن مليارات الدنانير التي ذهبت سدى على نفقات الرفاهية من سفر وسيارات وعلاج وغيره الكثير لأولئك الذين يدعون الإصلاح وحل الأزمة الاقتصادية، لكي لا أزيد الطين بلة على قلوب شعب سيموت حسرة على وطنه، لأن الأغلب يعلم حجم المليارات والمقدرات والمساعدات التي تدخل الأردن سنوياً، لكن هي الأخرى تودع في حساباتهم المخفية.
قد يكون حلاً!
سأعتبر تلك المشاكل المزيفة في الاقتصاد الأردني مشاكل حقيقية، وأطرح بعض الحلول التي أعتبرها مجدية، أو تحدث فرقاً، على اعتبار أنني مواطنة أردنية لدي الحق في الخوف على وطني، لو نظرنا قليلاً لبعض الدول المجاورة التي فتحت باب الاستثمار على أرضها لنجحنا في استقطاب البعض، لوجدنا حلاً لمشاكل عديدة أولها زيادة مدخول للدولة، و تقليل البطالة، وتقليل بعض الكوارث الاجتماعية من قتل وانتحار وتعاطي مخدرات.
من جانبٍ آخر وعلى صعيد استثمار السياحة فلدينا أماكن للسياحة الدينية أو العلاجية تعتبر من أهم مقاصد نسبة كبيرة من الزوار من جميع الدول، أما بالنسبة للحل السهلِ الممتنع وهي تخفيض رواتبِ مجلس النواب أو مجلس الوزراء وأصحاب المناصب العليا الذين يتقاضون رواتب باهظة ولا يقبلها المنطق، وتوقف الفساد والسرقة من بعضهم.
ومثلما أشرت هو الحل السهل الممتنع والذي أعلم انه قد يكون من المستحيل تحقيقه إلا أنه هو أيضاً قد يكون حلاً من حلولَ كثيرة تجدي نفعاً، ولو تذكر كل إنسان يعيش على ذاك الوطن أن الوطن يستحق لما حصل كل هذا ولَم نصل الى هكذا مرحلة صعبة ومخجلة، تلك الجملة الأخيرة لو تأملناها قليلاً لوجدنا بها كل الحلول، هي حب الوطن والخوف عليه من كافة شعبه وأهله وقبائله ونوابه ووزراءه، لكن، لا حياة لمن تنادي..
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.