شعار قسم مدونات

الثالوث المحرم

Blogs - islam
كثيرا ما jجول في ذهننا أسئلة عن الله ونتراجع خوفاً من الدخول إلى المنطقة المحرمة، إلى متى سنخشى تلك المنطقة؟! فحلاوتها تزيد ألف مرة عن مرها.
للوهلة الأولى نشعر بشيء من الارتياب والاضطراب والخوف، وهل يصح لنا التساؤل؟
فباليقين والتكرار يتلاشى هذا الخوف ويعد التساؤل في تلك المنطقة واجبا، أولاً وأخيراً عليك اليقين بأن الله كامل لا يشوبه نقص قادر لا يعجز عن شيء، بل أنت الناقص العاجز ولهذا تسعى لمعرفة الكامل القادر، وهذا في الحقيقة يفسر لنا عدم استيعاب البعض لفكرة الإله الواحد الأحد الذي لم يولد ولم يلد، فنحن نقيس الأمر الإلهي على أمرنا نحن البشر، نقيس فعل الخالق على فعل مخلوقاته، وهكذا يقع كثير في فخ الإلحاد.

ونفس الشيء مع الدين فهذا النص المقدس الذي أنزله الله لنا ليكون نقطة البدء لتطوير ذاتنا واقعنا، فبدلاً من اتخاذه وسيلة اتخذناه غاية، فالدين أيضا لا يشوبه نقص لأنه كلام الله لنا، إن كان كلام رب الكون فيه نقص أو خطأ فهذا يتنافى بالكلية مع ذات الله فالكتاب المقدس هو حلقة الوصل بين الله و بني البشر، تخلص من نقصك هذا بالقراءة والتفسير المحقق، وأفصل بين رجال الدين على مر العصور والدين نفسه.

ادخل هذا الثالوث المحرم ”الله والدين والإنسان” بقدمك اليمنى وآمن بقلبك أولاً وأطلق بعدها العنان لعقلك، والإجابة عن أسئلتك ستصلك بطريقة ما.

الإنسان ذاك الكائن الذي لعب دوراً هاماً منذ خلقه، وبخلقه حدث أول جدل بين الملائكة والله ”قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويفسك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك” ويرد الله عليهم ”إني أعلم ما لا تعلمون”، وحدث أول عصيان حينما رفض إبليس السجود لآدم لقد عمي الغرور إبليس كيف يسجد لمن خلق من الطين، وهو من النار ولم يستطع أن يرى أن فعل السجود هنا هو لروح الله التي بآدم فعل السجود لجوهر آدم وليس شكله.

ومن ثم بدأ الإنسان نفسه يعصي الله فطرده الله من الجنة بدلاً من أن يخرج منها مستعداً ليقوم بوظيفته الأزلية وهي تعمير الأرض فحدث أول اجتزاء للإنسان وتولد الشر من الخير فنجد قابيل يقتل هابيل، وهنا نسأل أنفسنا كيف حدث هذا ؟ ولماذا سمح الله بهذا ؟ كيف لإله خير يرضى بالشر ؟ والإجابة أن الله لا يريد أن يسلب منا الحرية يقول د/مصطفى محمود ”في دستور الله وسنته إن الحرية مع الألم أكرم للإنسان من العبودية مع السعادة ولهذا تركنا الله نخطئ ونتألم ونتعلم ، وهذه هي الحكمة في سماحه بالشر”.

وبالطبع المقصود الحرية النسبية وليست المطلقة فالمطلقة هي حرية التصرف في الكون وهذه ملك لله وحده مثل الميلاد والموت والاسم، أما النسبية هي الحرية في مجال التكليف أنت حر في أن تقمع شهوتك وتلجم غضبك وتقاوم نفسك وتزجر نياتك الشريرة وتشجع ميولك الخيرة. الحرية النسبية هي حرية الفعل ويؤكد هذه الحرية ما تشعر به من استحالة إكراه القلب على شيء لا يرضاه تحت أي ضغط..

فيمكنك أن تكره امرأة بالتهديد والضرب على أن تخلع ثيابها… ولكنك لا تستطيع بأي ضغط أو تهديد أن تجعلها تحبك من قلبها. ومعنى هذا أن الله أعتق قلوبنا من كل صنوف الإكراه والإجبار، وأنه فطرها حرة ويقول أيضا د/مصطفى محمود عن القضاء والقدر ”لا يصح أن يفهم على أنه إكراه للناس على غير طبائعهم.. وإنما على العكس، الله يقضي على كل إنسان من جنس نيته، ويشاء له من جنس مشيئته، ويريد له من جنس إرادته، لا ثنائية. لأن تسيير الله هو عين تخيير العبد، لأن الله يسير كل امرئ على هوى قلبه وعلى مقتضى نياته”.

”الله يقضي ويقدر، ويجري قضاؤه وقدره على مقتضى النية والقلب.. إن شرا فشر وإن خيرا فخير”، ادخل هذا الثالوث المحرم ”الله والدين والإنسان” بقدمك اليمنى وآمن بقلبك أولاً وأطلق بعدها العنان لعقلك، والإجابة عن أسئلتك ستصلك بطريقة ما.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.