شعار قسم مدونات

الإسلامي الوطني النكوص والعصاب الجماعي

blogs - شيوخ دين
في كل أزمة يحتاج بعض الإسلاميين إلى أن يقولوا للعالم الموضوعي عذرا فنحن مازلنا أطفالا في نمط نكوصي وكلي، وهذا ما يفعله الطفل حين يوكل كل مهامه ورؤيته إلى الأب أو الأم بحكم العجز الجوهري الذي تمليه عليه طبيعته العمرية، ولكن ماذا يمكننا أن نسمي هذا السلوك إزاء العالم الموضوعي ومشكلاته إذا صدر عن راشد غير مرض النكوص. فالإسلامي الذي يعاني من القدرة إلى المبادرة لمواجهة الواقع يستدعي مقولات زائفة للاطمئنان النفسي ذات طبيعة استقالية نكوصية.

الابتلاء
عندما يستخدم شيخ حسن مفردة الابتلاء يقصد بها استبدال مقولة الزمان والدهر العلمانية التي تفصل الزمان عن مصدر خارجي وحسب، لكن الإسلامي النكوصي يفهمها بطبيعته النكوصية إذ تحمل مقولة الابتلاء شعورا بالعجز وتخلى عن الإرادة الإنسانية، وهذا ما لا يمكن أن يقول به شيخ حسن ذا النزعة الاعتزالية في الفعل الإنساني، وهذا بعكس النكوصي الإسلامي الذي يجعل من الابتلاء أبا يحتمي به من سطوة العالم الموضوعي والواقعي، كذلك مقولة القدر، فهو يتخذها دروعا نفسية للاسقالة عن الواقع وتكرار هذا الأمر في كل أزمة تحدث يجعله يكف أكثر عن عملية النمو ويضرب عنها، فهو في كل لحظة يبحث له عن أب ليحميه فينقب في الآيات والتراث والمقولات ليواجه بها الواقع، وقد يصل الأمر إلى الاستقالة الذاتية عن الفعل التاريخي ليغدو التاريخ محض صيرورة للوحي والدين والمقولات دون أن يكون لفرد بشري أو سياق تاريخي دورا فيها دون أن يعي أن النكوص لا يوقف التاريخ بقدر ما يجعله هو بعيدا عنه.

العصاب هو الابتعاد عن الواقع، والنكوص هو إلغاء للذاتية، وتحضر هنا في ذات الإسلامي الوطني ذات أخرى متعالية هي صاحبة عدم كمال الواقع

إحياء العائلة

إن الأزمة سياسية ولكن النكوصي لا يفتأ يستدعي رؤيته الوراثية عن العالم، فهو لا يبلغ الرشد السياسي إنما يستدعي المقولات النفسية في مواجهة الفشل السياسي، ولأنه ما زال طفلا في المجتمع فرؤاه هي رؤى الأب أو الأم، فالطفل يعرف العالم الموضوعي بالرجوع إلى مقولات أمه وأبيه عنه دون أن يكابد العناء ليعرفه بنفسه.

العصاب الجماعي في مواجهة سنن التاريخ
الظلم مؤذن بخراب العمران
ابن خلدون


إن المقولات التي تصدر عن الإسلامي الوطني تستبطن عصابا حادا يولده الخوف من سنن التاريخ، والتي من طبيعتها تتحرك بعوامل موضوعية واقعية في النجاح والفشل ويجعله هذا الخوف يتجاوزها أو يصرخ بعصاب في وجهها بما تغذى به طيلة هذه السنين من مقولات وأفكار عاطفية فصلته عن اللحظة التارخية التي هو فيها، ويتوجب عليه أن يكون فاعلا فيها، ولكنه ليس كذلك، إنما هو مجرد موظف إيديلوجي أو كادر تبرير أخطاء يحتسي المعرفة بالقدر الذي يجعله مبرراتي جيد كان يقول بالابتلاء ويستدعي الأحاديث التي فيه لمواجهة الفشل الاقتصادي، فهو مغيب عن الواقع لا يفتأ يخلط الأوراق بين السماء والأرض فيرفع الأخطاء الأرضية إلى أبعاد سماوية حتمية.
 
العصاب هو الابتعاد عن الواقع لعدم تمامه أو تمام بعض أجزائه، تعرفه مدرسة التحليل النفسي، كما أن النكوص هو إلغاء للذاتية كصاحبة دور في المشكل والحل، وتحضر هنا في ذات الإسلامي الوطني ذات أخرى متعالية هي صاحبة عدم كمال الواقع، كما أنها هي التي ستتم هذا الواقع في استقالة واضحة عن الفعل الإنساني لذلك ستجد الظالم ببساطة يقرأ القرآن ويصلي ويبكي عند سماع السيرة، وهنا يأتي الفصام نتيجة للخطاب الذي يكرس للعقل المستقيل فهو ليس طرفا فيما يحدث خارج المسجد، وهنا يحدث انفصام بين الله كشعور إيماني متعلق بالمسجد والبكاء والتضرع كشيء مراد في ذاته وبين الله ككيان محفز للخير خارج المسجد ومانع للشر، فيحضر الأول ويغيب الثاني، ولا بأس بعد ذلك أن يتم تعليق كل المخالفين على المشانق ثم الذهاب إلى الصلاة والتضرع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.