يراقب المعنيون بالأزمة السورية بل العالم بأجمعه ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا، و لست أبالغ أن تغيرا كبيرا قادما للمنطقة، و ستحدد معالم جديدة، و خارطة جديدة للمنطقة، و لو نظرناً قليلا و تأملنا الهجوم الإسرائيلي قبل أيام على قاعدة المزة العسكرية، غرب دمشق دون أي مبرر للهجوم، فعادة كانت تبرر إسرائيل الهجمات على أهداف سورية، بأنها تمنع نقل أسلحة لجماعة حزب الله، و الرد على أي خروقات تنطلق من سوريا باتجاه الجولان المحتل.
اختيار الروس للأستانة كمستضيف لأطراف الحرب السورية تحمل الكثير من الدلائل والأهداف؛ فالأستانة عاصمة لجمهورية كانت جزءا من التراب السوفيتي، و هي دولة تربطها علاقات قوية بالاتحاد الروسي، وعلاقات ضعيفة بالاتحاد الأوروبي. |
هجوم المزة العسكري أيضا يدخل في سباق ما قبل الأستانة، فإسرائيل تعلم جيدا أن الرئيس بوتين أراد تحجيم النفوذ الأمريكي، والقبض على زمام المبادرة، والتحكم الكامل بالقضية السورية و فرض الشروط الروسية التي تحفظ لروسيا و حلفاءها مصالحهم في المنطقة، و بدون دور أمريكي كبير في الأزمة السورية، ستكون إسرائيل أكثر قلقا؛ لذلك وجهت رسالة بالصواريخ، و بدون طائرات للإرسال بأن لإسرائيل ذراع طويلة في سوريا، ولن تسمح بأن تمر محادثات الأستانة بدون علمها، و بالطريقة التي لا تريدها.
إختيار الروس للأستانة كمستضيف لأطراف الحرب السورية تحمل الكثير من الدلائل والأهداف؛ فالأستانة عاصمة لجمهورية كانت جزءا من التراب السوفيتي، و هي دولة تربطها علاقات قوية بالاتحاد الروسي، و علاقات ضعيفة بالاتحاد الأوروبي، والرئيس الكازاخستاني تربطه علاقة متينة بالرئيس الروسي فلادمير بوتين. ويمكن القول ان كازاخستان منطقة نفوذ لروسيا.
هذه ليست أهداف الروس لاختيار الأستانة كمنطلق للمحادثات الدولية بشأن الأزمة السورية، إنما الأهداف تكمن في أن الرئيس بوتين أراد أن يؤكد أن أي حل سياسي للازمة السورية لن يكون إلا على التراب السوفيتي، مذكرا الغرب بالإتحاد السوفيتي، فاختار الأستانة لذلك؛ ليس هذا فحسب، أراد الرئيس بوتين أن يبرهن للإدارة الأمريكية أنه المنتصر في تلك الحرب، و هو من سيقرر نتائجها و كيفية نهايتها ،فاختار الأستانة كمنطلق للمحادثات، وستكون روسيا فيها راعي تلك المحادثات من تلك العاصمة السوفيتية السابقة.
وبهذا أراد بوتين أن يؤكد للغرب، بأن روسيا حاضرة بقوة على الساحة الدولية، و يذكر بأمجاد السوفيت و قوتهم. يبرهن الروس لنظرائهم الأمريكين أنهم الأكثر تأثيرا على جميع أطراف الحرب السورية و القادرين على جمعهم على طاولة الحوار، والتوصل معهم لحل سياسي يرضي المعارضة و يحفظ لروسيا مصالحها، فاختار الأستانة برئيسها نور سلطان نزار، الذي تربطه علاقة قوية بأردوغان و بوتين و هما راعيا المفاوضات، و هو ما يؤكد عزم الروس على نجاح تلك المحادثات.