هذا ليس مقطعا من رواية ساخرة، بل رواية حقيقية من أحد الجنود "الإسرائيليين" الذين وقعوا في شراك القسام الذي قام باختراق أجهزة وهواتف جنود "إسرائيليين" عبر ما أسماه الاحتلال "حسناوات حماس"
بعيدا عن التحليلات السياسية فإن لهذه الحادثة إشارات متعددة أولها أن إبداعات المقاومة لم تعد مرتبطة بالتسليح والإعداد فقط..
يجب أن ينتبه المناصرون للقضية الفلسطينية بأن طرق المقاومة متعددة وأن بإمكان الشباب المشاركة وابتكار أساليب إبداعية كل حسب طاقته. |
الصواريخ التي هزت "تل أبيب" والأنفاق التي أرعبت قادة الأركان والطائرات بدون طيار التي حلقت فوق مبنى وزارة الدفاع "الإسرائيلية" والاشتباكات الصفرية والاقتحامات جهة البحر وخطف الجنود والرسائل الإعلامية الذكية والإعداد المنظم والمدروس، كل ذلك جزء من الإبداع القسامي في مواجهة أقوى جيش في المنطقة. ففي الوقت الذي هدأت فيه الحرب اشتعلت حرب أخرى، حرب أدمغة بين جيش القسام وجيش الاحتلال الذي يتلقى الضربة تلو الأخرى لتهتز مع كل ضربة صورة "الجيش الذي لا يقهر".
فكرة اختراق حسابات وهواتف لجنود صهاينة ليست بسيطة كما يبدو، فهي عملية معقدة لا يمكن الاستهتار بها خاصة عند الحديث عن حكومة وجيش مؤهل ومدرب أمنيا ويملك واحدة من أقوى المنظومات الأمنية المحمية في العالم، بالمقابل يدير الحملة القسام بقدراته ومعداته البسيطة وإمكانياته التكنولوجية المتواضعة مقارنة بتكنولوجيا الاحتلال.
لقد تمكن القسام من تحويل المقاومة إلى سلوك يومي وعمل أكبر من كونه اقتحاما عسكريا أو تفجير دبابة، لقد بدأ القسام بسكينة ومسدس ومع الوقت تحول لنظام يحول الأفكار الخلاقة إلى مقاومة قادرة على إيلام العدو وهزه وزجه في معارك جانبية لم تخطر بباله من قبل.
حتى الأساليب التي استخدمها الاحتلال ضد الفلسطينيين كالتهكير والمراقبة وإسقاط الشباب والحرب الإعلامية والنفسية واستخدام الإعلام الاجتماعي عاد القسام لاستخدامها ضده بطريقة ذكية أثبتت فعاليتها من خلال تحقيق أهدافها واتضحت من خلال ردود الفعل "الإسرائيلية" التي تعترف في كل مرة أنها تلقت صفعة قوية من المقاومة.
المتابعة العربية والفلسطينية للأخبار المتعلقة بـ "# هكر- حماس" تنم عن رغبة واسعة في رؤية أي هزيمة ولو بسيطة للجيش "الإسرائيلي" فالصورة التي بناها الاحتلال على مدار السبع عقود الماضية بأنه يلقي الضربات فقط لم تعد كذلك في العقدين الأخيرين من الزمن ولعل التسارع الأخير في الأحداث منذ عام 2012 حتى الآن يثبت أن المقاومة لم تعد مجرد مجموعات قليلة بعتاد بسيط ولكنها منظمة وتوسع أعمالها بشكل مدروس وتسلك طرقا وأساليب جديدة في مواجهة العدو.
يجب أن ينتبه المناصرون للقضية الفلسطينية والشباب في فلسطين وخارج فلسطين بأن طرق المقاومة متعددة وأن بإمكان الشباب المشاركة وابتكار أساليب إبداعية كل حسب طاقته وألا تظل في طابور الانتظار واليأس وتذكر دائما: "كل ما تحس حالك متضايق والدنيا مش زابطة معاك، تذكر إنو في جندي "إسرائيلي" كان مفكر حالو بحب ماريا من روسيا فجأة طلع أبو البراء من غزة".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.