شعار قسم مدونات

نحن أطفال الخطيئة!

blogs - social media
التقنية الحديثة التي باتت في متناول يد الجميع مع فراغ في العقل وهشاشة في التربية باتت ويوم بعد آخر تفرز الكثير من الشباب الفارغين من أي مضمون هادف او راقي وحولتهم إلى ظواهر اجتماعية يتحدث بها القاصي والداني.


فمن إحدى الدول الأوروبية تخرج الشابة السورية جود عقاد لتنقد هذا وتُقيّم ذاك، والحجة في ذلك أنها حريّة الرأي والعقيدة التي منحتها إيّها تلك الدولة، وآخر ما تفتقَ عنه ذهن العقاد هو خلعها للحجاب في بثٍّ مباشر على الفيس بوك، لتُتابع بعد هذه "الحرية الشخصية" مسيرة التنجيم من خلال هذا الفضاء الذي منحها هذه الفرصة وتتحول خلال ساعات إلى حديث الشارع السوري على الرغم من كل ما يمرُّ به من مآسي.

أحد أساتذة علم الاجتماع أكد أنّ ظاهرة "أبو سن" سببها الإعلام غير المنضبط الذي حوّل التوافه إلى أبطالٍ في ساعاتٍ قليلة.

وفي المملكة العربية السعودية أصبح الفتى "أبو سن" حديث الشارع والفضائيات ومنصّات التواصل الاجتماعي وحتى أبرز الصحف العالمية كالديلي نيوز والصن؛ ناهيك عن صحيفتي الرياض والشرق الأوسط، وذلك بعد سلسلة المحادثات التي جمعته بالشابة الأميركية كرستينا، ومن ثم إيداعه السجن في السعودية، ليظهر بعدها على إحدى أشهر القنوات الترفيهية العربية "MBC" ومع أحد أشهر المقدمين العرب، ويحتدم النقاش في تلك الحلقة بين "أبو سن" وأحد أساتذة علم الاجتماع الذي أكد أنّ ظاهرة "أبو سن" سببها الإعلام غير المنضبط الذي حوّل التوافه إلى أبطالٍ في ساعاتٍ قليلة، ويزداد الطين بلّة عندما خرج مؤخراً أبو سن وقد "أقنع" كرستينا بأن تتحجب لتعاكس بفعلتها السورية جود التي خلعت حجابها تماشياً مع عادات أوروبا، ويخرج بعدها أبو سن وقد أصبح مصلحاً اجتماعياً وداعيةً يحاول أنّ يحبب الفتاة بالحجاب والدين الإسلامي!

وغير بعيدٍ عن المشرق العربي تخرج الإيرانية "ندى یاسي" هي الأخرى لتشتم الجميع وتنتقد كل شيء له علاقة بالثقافة الشرقية والإيرانية، وتحولت هي الأخرى لظاهرة إعلامية، فالمتابع لمواقع التواصل الاجتماعي الناطقة بالفارسية يعلم أنّ تلك الفتاة وعلى الرغم من ضحالة تفكيرها وسطحية ما تقوله باتت تجذب آلاف المتابعين، ومن المؤكد أنّ ذلك "التنجيم" ليس لأهمية ما تقوله الفتاة، وإنما لما ظهرت عليه من مظهر غريب عن العادات الشرقية والإسلامية وحتى الإيرانية، لتنضم ندى إلى قافلة الظواهر التي أفرزها الإعلام الاجتماعي.

لا يتسع المجال هنا لذكر كافة التوافه الذين أصبحوا ظواهرا في هذه الأيام، غير أنّ المصيبة هي أنّ الكثير منهم أصبحوا قادةً للرأي يحمل أفكارهم الكثير من الشباب الصغار الذي فتحوا أعينهم ليجدوا أنّ تلك الظواهر هي السائدة في المجتمع، وباتوا يتمثلون أفعالهم ولباسهم وحتى بعض مفردات كلامهم.

ومن المعروف في علم الاجتماع والإعلام أنّ أحد أهم وظائف الإعلام هي انتقاد المجتمع بهدف تطويره لا بهدف جلد الذات، ويكون ذلك من خلال قادة الرأي من الأدباء والمفكرين وأساتذة الجامعات، لا من خلال بعض التوافه الذين أفرزتهم ظاهرة الإعلام الاجتماعي وباتوا للأسف قادة للرأي ومثالا يحتذى به للكثير من الشباب.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان