لم يعد يفصلنا عن العيد سوى أيام معدودات، فقد ألفنا أن تسود أجواء الفرحة والحبور فترى بسمات مرحة بريئة تزين وجوه الصغار وتسمع كلمات الود والتهاني تنتشر في كل الأرجاء من لدن الكبار.
هذه الصور الجميلة أصبحت في زمن كان، فسرعان ما تداعت ليتحول الفرح إلى أسى والبسمة إلى حسرة والأمل إلى ألم موجع قاتل هبّ على الأخضر واليابس فدمر معاني السعادة الرقيقة، في ظل حروب طائفية مقيتة وربيع عربي انتفت فيه مشاعر الإنسانية.
نتساءل: كيف لنا أن نستشعر طعم السعادة ونحن ندرك أن إخوتنا تحت القصف يعانون في كل ثانية؟
هل نستطيع أن نتقاسم الفرحة في ما بيننا وهم يتقاسمون الأسى في المخيمات الباردة؟ أيمكن أن نستمتع ونتلذذ بالعيد ونحن نعلم أنهم يموتون جوعاً ويتذوقون مرارة السقم؟
من الصعب أن نفرح أو أن نمثل الفرح ونحن نتذكر وجه "عمران" البريء الملطخ بالدماء وهو يخاطب بصمته الإنسانية جمعاء "أنا مجرد صبي ليس لي ذنب، لقد سرقوا مني طفولتي، أحلامي وحتى أمنياتي. فكيف لكم أن تفرحوا لمأساتي وتضحكوا لمصابي"؟
بهجة العيد ضاعت من شدة المصاب واختفت نسائمه العجيبة. لقد قَدِمَ مكرهاً، فهو يعلم أنه بات يوماً عادياً روتينياً، فلولا رمزيته ودلالته لوَلى مدبراً |
وما أفجع أن تفتح الفضائيات لترى مدى فظاعة الحال في المخيمات, كأسر عدة تتشارك ركناً واحداً ومساعدات إنسانية محتشمة لا تكاد تسد حاجات اللاجئين وأطفالا وشيوخا مرضى.
مأساة إنسانية تترجم واقعاً تمزّق بين القمم العالمية والمؤتمرات الدولية دون الخروج بنتيجة فعلية قد تلملم جراح النازحين وتحفظ كرامتهم وما تبقى من حقوقهم.
لن يكون للعيد معنى فنحن سنذبح الأضاحي وإخوتنا العرب يُذبحون في مجازر الظلم والعدوان على أيدي الطغاة فترفع أرواحهم الطاهرة إلى المولى.
ضاعت بهجة العيد من شدة المصاب واختفت نسائمه العجيبة. لقد قَدِمَ مكرهاً، فهو يعلم أنه بات يوماً عادياً روتينياً، فلولا رمزيته ودلالته لوَلى مدبراً، متأسفاً لحالنا وما أصبحنا عليه.
سيأتي العيد ليمر سريعاً، ففرحته انقضت وقلوبنا اختارت لبس السواد وإعلان الحداد على واقعنا المعاش. واقع مرير ودع السعادة منذ زمن طويل وأعلن مقاطعة فرحة العيد على أمل أن تُستعاد عما قريب، فتداوي جراح المرضى وتضمد أفئدة تأوهت حزناً لفقدان عزيز.
ما لنا سوى الانتظار والترقب لعل غداً يحمل في طياته بعض السعادة المتناثرة هنا وهناك، فيعود مجد ووحدة الأمة العربية من جديد، فالنصر لنا عادة ومن الله شهادة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.