قد تتفاجأ إذا قلت لك أن ليس الوطن العربي فقط في مخاض للحصول على العدالة الإجتماعية، بل حتى المجتمع الأمريكي في السنوات الماضية صار يخوض فترة جديدة من مخاضات النضال للعدالة الاجتماعية فـ من مظاهرات "احتلال وول ستريت" والتي عبرت عن استياء المواطنين من الغناء الفاحش لـ كبار ومحركين وول ستريت إلى مظاهرات "حياة السود ذات أهمية" والتي قد أخذت الواجهة في نشرات الأخبار وحديث الكثير من المواطنين في الأشهر الماضية.
 

في شهر أغسطس وفي خضم مباريات الاستعداد لموسم كرة القدم الأمريكية "فوتبول"، صار الحديث الأكثر اهتماماً في الولايات المتحدة عن واقعة اللاعب رقم 7 لفريق سان فرانسيسكو فورتيناينرز لكرة القدم الأمريكية، كالن كابرنك، والذي رفض الوقوف لتحية العلم الأمريكي والتي تجري العادة أن يتم عزفه في بداية كل مباراة مع حضور بعض من أعضاء الجيش الذين يحملون العلم الأمريكي.

كالن كابرنك، اللاعب الأكثر شهرة في الفريق بعد قيادته الى المباراة النهائية "سوبر بول" في عام 2013 ولم يحالفه الحظ أن يفوز بالمباراة، أبدى رأيه في مقابلة مطولة مع وسائل الإعلام بعد إحدى مباريات الاستعداد للموسم، وشرح موقفه الذي كرر عدم تعّمده للإساءة للذين يخدمون في الجيش الأمريكي وأنه يكن لهم جميع الإحترام قائلاً "لن أقف احتراماً لعلم بلد يضطهد الأمريكيين السود والمواطنين الملونين "غير البيض"، وهذه المسألة لي هي أكبر من الفوتبول وقد أكون أناني إذا غضيت الطرف عن هذا الموضوع"

النشيد الوطني الأمريكي والذي كتبه فرانسس سكوت كي، في عام 1814 أثناء حرب 1812 ما بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتم اعتماده كنشد وطني عام 1931. آثار البعض حفيظته تجاه كلمات النشيد حيث تتضمن ابيات تهجو عبيداً التحقوا مع البريطانيين لقتال الأمريكيين بيد أن هذه الأبيات ليست معتمدة بالنشيد الحالي ولكنها موجودة في النسخة الأصلية. فرانسس سكوت كي نفسه كان له عبيد آنذاك وكان من من مناصري العبودية.

كابرنك والذي تبنته عائلة ذو اصول أوروبية عندما كان صغيراً بعدما ولد مجهول الأب ولإم من أصول اوروبية، باعتراضه على تحية العلم، قّسم الرياضيين وخصوصاً ذو الأصول الأفريقية الى ثلاثة اقسام، قسم يشد على وقفته الشجاعة كـ لاعب السلة السابق كريم عبدالجبار ولاعب لوس انجلوس ليكرز نك يونغ، بينما ذهب آخرون منهم لاعبين في فريقه بانتقاده على وقفته لأنها بنظرهم تقلل من احترام الملتحقين بالجيش كـ سائق الفورملا توني ستورت، بينما التزم الأكثرية منهم الصمت وعلى سبيل المثال الهضبة لبرون جيمس، دوين ويد، تايجر وودز وآخرون.
 

اللاعب دوين ويد صرح ببيان إعلامي عندما توفت قريبة له في شيكاغوا عن استيائه لاستمرار العنف وايضاً التمييز العنصري. نادى آخرون وأخرهم اتحاد العاملين في ملعب سان فرانسيسكو أن يتم بيع اللاعب كابرنك فوراً وإلا سيكون هناك إضراب عام عن العمل.
 

الرئيس الأمريكي، أول رئيس أسود للولايات المتحدة عبر عن دعم "حق" كابرنك للاعتراض مستشهداً بالتعديل الأول للدستور الأمريكي والذي يكفل حقوق التعبير وحرية الاعتقاد. كابرنك والذي تدنى مستواه منذ أن خسر السوبر بول عام 2013، لم يقم بالشيء الهين، بل طرح مستقبله على كف عفريت ونجح في إثارة موضوع العدالة الإجتماعية.
 

قد لا تكون وقفته الحالية لها كل التأثير في طرح حد لاستخدام القوة المفرطة من قبل الشرطة ضد العُزل ولكن سيدونها التاريخ لتكون إحدى خروج الرياضيين عن النص كما دون اعتراض محمد علي على حرب فيتنام وإعتراض محمود عبدالرؤوف على النشيد نفسه!