شعار قسم مدونات

تقدير موقف.. خارطة الطريق

blogs - sudan - 7arb
أنهكت الحرب والنزاع جسد الدولة السودانية لعقود طويلة حتى صار رجل أفريقيا المريض بدلاً من أن يكون قاطرتها القوية، لذا كان البحث عن سلام مستدام يسمح للإنسان في هذه الرقعة الجغرافية أن يتنفس الحياة بصورة طيبة كان بحثاً ملحاً ودائمًا ولو أنه شاق جدا.

تحليلاً للموقف السياسي في الساحة السودانية بعد توقيع قوى نداء السودان على خارطة الطريق التي سبق وأن وقعت عليها الحكومة منفردة نحاول رصد المواقف وآفاق الحلول أو احتمالاتها من خلال الرصد التالي :-

الحكومة

يمكن للحكومة أن تساوم على الفترة الانتقالية ولكن لن تساوم على فترة الرئيس ولا صلاحياته ، ولو اضطرت للموافقة على وجود رئيس وزراء ففي كل الاتفاقيات لم تسمح الحكومة بإعطاء صلاحيات حقيقية حتى في نيفاشا.

تملك الحكومة عناصر قوة وتضغط عليها عوامل ضغط كما هو حال كل الأطراف لذا يمكن تسمية اللحظة بتوازن الضعف وهي حالة تسمح بالاتفاق فالحكومة عاجزة عن الحسم العسكري للفصائل المسلحة بشهادة الواقع الميداني ومأزومة اقتصاديا بضائقة تمس عظم الدولة فضلاً عن الشعب، وانحسار وهج مشروعها السياسي وتضعضع بنيتها التنظيمية في حزبها القائد، من جانب آخر فهي تحظى بدعم المجتمع الاقليمي والدولي ( الذي لا يرغب في دولة فاشلة جديدة ) ، وكذلك تخوف قطاعات واسعة من المواطنين من السيناريوهات المجهولة كما هو بادي في المحيط من حولهم.

 
المعارضة المدنية
ربما لأول مرة تجلس بقضايا سياسية كقوى رئيسية في ظل رغبة حكومية وتكون في تكتل طيفي واسع لمناقشة كل الشواغل في الساحة السياسية ، هذه الفرصة لم تتوفر (اجتماعاً وشمولاً) وهي نقطة قوة، وبذلك تضع الحكومة على الإختبار من المطالب المشروعة، ثم إن ذلك يصادف ضعفًا سياسيًا لخصمها الحكومي وهو في مرحلة خفوت واضمحلال، ثم الجانب الآخر أن التسوية لن تكون على ثنائية البندقية، أما أبرز نقاط ضعفها فهو ثقل المجتمع الاقليمي والدولي غير المكترث لهذه القوى المدنية أو على أفضل تقدير فهو لا يساوي بينها والقوى العسكرية بامتدادتها المعروفة.

المعارضة المسلحة
تعاني المعارضة المسلحة من برود التأييد للخيارات العسكرية لدى داعميها الدوليين خاصة في ظل المراوحة العسكرية البائنة في كل المياديين مع حالات التشظي للحركات في دارفور وبالنظر لنموذج الفوضى العسكرية في الجنوب ، وتلقيها _المعارضة _ إشارات واضحة من الرعاة الاقليميين والدوليين بضرورة تغليب الحل السياسي.

كما أن الوضع الإنساني الضاغط في مناطق سيطرتها في جنوب كردفان في ظل متاعب دولة الجنوب الراعي الرسمي للحركة الشعبية شمال ، كما أن تغير الوضع العسكري في دارفور مع الوضع في ليبيا وتشاد جعل من المستحيل على حركات دارفور أن تعود بقوة ، أما أقوى ما تحظى به فالدعم الدولي القوي لها في طريق السلام ، وترتيباتها الخاصة بمعالجة مشكلة السلاح التي تضمن لها وضعًا تميزيًا في أي نص لإتفاق ، كما أن تمتعها بقاعدة أجتماعية يضمن لها نفوذ في أي وضع بعد الفترة الانتقالية.

آفاق الحلول
– يمكن للحكومة أن تساوم على الفترة الانتقالية ولكن لن تساوم على فترة الرئيس ولا صلاحياته ، ولو اضطرت للموافقة على وجود رئيس وزراء ففي كل الاتفاقيات لم تسمح الحكومة بإعطاء صلاحيات حقيقية حتى في نيفاشا.

– يمكن أن تقبل الحكومة بفترة انتقالية ولكن لن تزيد على ولاية الرئيس التي ستنتهي في 2020 ، فستحاجج بمشروعيته الانتخابية وضمانه للتسوية ولتُعجل بالانتخابات التي تستطيع التأثير عليها.

بقى أن نقول هل يستطيع النظام ان يقدم تنازلات صعبة تسمح لمحاوريه بالاستمرار في طريق بناء الديموقراطية ، وهل تستطيع المعارضة تجاوز الماضي والبناء على المستقبل وضمان التنفيذ النزيه لا للاتفاق المرتقب

– لن توقع الحكومة على أي بند بخصوص المحاسبة والعدالة الجنائية ولكن يمكن أن تقبل بالمفوضيات واللجان والهيئات التي يمكن افراغها من جوهرها بالقانون أو الممارسة .

– تحت الضغط يمكن أن تقبل الحكومة بوحدات عسكرية مدمجة وأخرى غير مدمجة خلال الفترة الانتقالية ، مع ترتيبات أمنية تضمن قومية ووحدة الجيش كما في اتفاق عقار نافع .

– ستقبل الحكومة بسعة توزيع تشكيلة الحكومة الانتقالية من الأحزاب او التكنوقراط، وهي تعلم أن الدستور الحالي والسابق لا يعطي أي قيمة لمنصب بخلاف رئيس الجمهورية. 

– ستقبل الحكومة بحريات أوسع في الإعلام ولكنها حتما ستستخدم وسائل أخرى للتأثير على المناخ السياسي في المرحلة الانتقالية. 

– أما المعارضة يمكن أن تضغط باتجاه تعزيز الحريات بقوانين انتقالية كطبيعة المرحلة ، ويمكن أن تضمن مراقبة ومحاسبة للأداء الاقتصادي والمالي عبر مفوضية تتضمت ترتيبات اقتصادية تمنع الانهيار وتسمح بتقليل قبضة طبقة الفساد على مفاصل الاقتصاد.

– يمكن أن تساهم في فتح المجال للفئات غير المعترفة بخارطة الطريق بالاستفادة من ثمراتها والاستثمار في ثغراتها لتوسيع دائرة المطالب بما يضمن عدم التراجع عن الفوائد المتحصلة.

– سيكون أعظم مكاسب المعارضة هي ضمان مستقبل مرسوم بيد كافة أبناء الشعب بعيدا عن حيل الحكومة ، وذلك بالحرص على اتفاق يعالج قضايا المستقبل من اقتصاد الناس وحرياتهم وبنية الدولة القانونية والاقتصادية ، وضمان تدرج التطبيق لنظام ديموقراطي ينظر إلى الأمام بعد أن يودع دولة الرجل الواحد في عام 2020.

بقى أن نقول هل يستطيع النظام ان يقدم تنازلات صعبة تسمح لمحاوريه بالاستمرار في طريق بناء الديموقراطية ، وهل تستطيع المعارضة تجاوز الماضي والبناء على المستقبل وضمان التنفيذ النزيه لا للاتفاق المرتقب .
وهل تستطيع القوى المسلحة أن تجعل السلاح خادمًا للتسوية لا ضحية له.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.