شعار قسم مدونات

عاشِقان..

blogs - milky

فِي هَدْأَةِ اللَّيْلِ البَعِيْدِ …
عَلَى جَنَاحِ الحُلْمِ …
عِنْدَ تَوَهُّجِ الآمَالِ …
فَوْقَ دُرُوبِ آلامِ المَسِيْحِ … عَلَى الضَّرِيْحِ …
أَمَامَ شُبَّاكِ الهَوَى
يَتَنَاجَيَانْ

يَحْكِي لَهَا أَشْوَاقَهُ …
تَحْكِي لَهُ هُجْرَانَهُ …
فَيَسِيْلُ مِنْ عَذْبِ الكَلامِ الأُرْجُوانْ

لا أَنْتِ أَنْتِ وَلا الدِّيارُ دِيارُ
خَلَتِ الدُّرُوبُ وَأَقْفَرَ المِشْوارُ
وَاسْوَدَّتِ الآفاقُ فِي آفَاقِها وَانْهَدَّتِ الأَسْرَارُ وَالأَسْوَارُ

تُصْغِي إِلى وَقْعِ الدُّمُوعِ عَلَى الثَّرَى
فِضِّيَّةً تَجْرِي وَتَجْهَلُ ما جَرَى
وَتَظَلُّ تَهْمِي دَمْعَتَانْ

تَتَشَكَّلُ الأَحْزَانُ فَاتِنَةً …
عَلَى رُوْحِي تَسِيْرُ بِغَيْرِ أَقْدامٍ وَحَافِيَةً
وَفِي أَغْوارِ عَيْنَيْها أَرَى الأَنْهَارَ وَالأَنْغامَ – عَفْوًا – تَجْرِيانْ

فِي لَيْلِ غُرْبَتِنَا نَرَى ظِلاًّ غَرِيبًا …
يَسْتَبِيْحُ بِمِلْءِ رَغْبَتِنا جُذُوعَ السِّنْدِيانْ

***
يَتَثاءَبُ النِّسْيانُ فَوْقَ جِدَارِها …
وَيَلُفُّهَا بِقَسَاوَةِ الحِرْمَانِ …
وَهْيَ غَزَالَةٌ أَحْرَى بِها أَنْ تَسْتَرِيْحَ عَلَى ضِفَافِ الحُلْمِ
تَقْطِفُ مِنْ رُبُوع حِسَانِها وَرْدَ القُلُوبِ …
فَإِنْ تَعَذَّرَ … إِنْ تَعَذَّرَ … قُلْ لَهَا فَالأُقْحُوانْ

آبَتْ إِلَيْكِ الطَّيْرُ مِنْ أَعْشاشِها …
وَالرُّوحُ مِنْ أَجْسادِها …
وَالوَرْدُ مِنْ أَكْمامِها …
وَبَقِيْتِ وَحْدَكِ فِي صَقِيْعِ الحُزْنِ …
تَنْتَظِرِيْنَ فَارِسَكِ الّذِي عَقَرَ الحِصانْ

لا أَنْتِ أَنْتِ وَلا الدِّيارُ دِيارُ
خَلَتِ الدُّرُوبُ وَأَقْفَرَ المِشْوارُ
وَاسْوَدَّتِ الآفاقُ فِي آفَاقِها
وَانْهَدَّتِ الأَسْرَارُ وَالأَسْوَارُ
وَتَغَوَّلَتْ خَيْلُ المَغُولِ، وَعَبَّدَتْ
سَادَاتِها العُبْدانُ وَالأَشْرارُ

فَإِلامَ يَنْتَحِرُ الصَّباحُ عَلَى نَوَافِذِكِ اليَتِيْمَةِ …
حِيْنَ يَدْخُلُ بَائِسًا … سَهْوًا … يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِرُوحِهِ الثَّكْلَى
وَيَشْهَقُ حِيْنَ يَرْتَفِعُ الأَذانْ

وَيَسِيْرُ مَحْنِيَّ الدُّهُورِ
بِنَظْرَةٍ رَيّانَةٍ حُبْلَى
وَيَصْعَدُ مَرَّةً أُخْرَى
فَيَحْنِي رَأْسَهُ لِلْقُبَّةِ الزَّرْقَاءِ …
يَطْبَعُ قُبْلَةً بَيْضَاءَ فَائِقَةَ الأَمانْ

***
المَجْدُ لِلشُّهَداءِ فِي المَلَكُوتِ … قَالَتْ دَمْعَةٌ
سَقَطَتْ عَلَى خَدِّ الجَمِيْلَةِ وَهْيَ تَسْتَرِقُ النَّظَرْ
هُمْ وَحْدَهُمْ أَحْياءُ فِي وَجَعِ المَماتِ المُنْتَظَرْ
لِلنَّائِمِينَ الرَّاحَةُ الأُولَى … وَلِلصَّحْوِ الحَجَرْ
لِلْبَحْرِ رُغْوَةُ مَائِهِ، والمِلْحُ …
لِلْمُتَصَيِّدينَ الحُوتُ فِي المَاءِ العَكِرْ

– مَا أَصْعَبُ الأَشْياءِ ؟ قَالتْ قَطْرَةٌ
– أَنْ تُنْكِرَ الأَرْضَ الّتي وَلَدَتْكَ … تُطْعِمَ لَحْمَها لِلأُفْعُوانْ …
– ما أَسْهَلُ الأَشْياءِ ؟ قالتْ نَسْمَةٌ
– أَنْ تَبْلَعَ المَاضِي وَتَرْكَنَ لِلْهَوانْ …
– مَا أَجْمَلُ الأَشْياءِ ؟
– أَنْ تَفْنَى لِتَحْيا …
كُلُّ مَنْ فِي الأَرْضِ فانْ
فَبِأَيِّ آلاءِ البِلادِ تُكَذِّبانْ ؟!!

الغُولُ وَالعَنْقَاءُ وَالخِلُّ الوَفِيُّ
وَسُلالَةُ المَاضِيْنَ والآتِي الدَّعِيُّ
عَبَرُوا عَلَى جَسَدِي وَمَا أَنْكَرْتُهُمْ
وَحَضَنْتُهُمْ رَغْمَ الدِّماءِ … حَضَنْتُهُمْ …
الفاجِرُ المَأْفُونُ وَالبَرُّ التَّقِيُّ …

– مِنْ أَيْنَ جِئْتِمْ؟
– مِنْ دُونِ جَنَّتِكُمْ هُنالِكَ جَنَّتانْ …
– فَعَلامَ جِئْتُمْ؟
– (فِيْهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسانْ) …
– حتّامَ أَنْتُمْ؟
– حَتّى يَضِيْقَ بِنا المَكانْ …
– مَنْ نَحْنُ مِنْكُمْ ؟
– جُرَذٌ يُرَقِّصُ ثَعْلُبانْ

…… وَتَغُوصُ فِي رُوحِ المُغِنِّي طَعْنَتَانْ …….

***
وَتَسِيْلُ رَائِحَةُ الدِّماءِ شَهِيَّةً …
فَتُفِيْقُ ذُؤبانُ القَطِيْعِ عَلَيَّ
تَرْكُضُ فِي مَدَارِ اللاَّمَدى …
تَتَنَاهَشُ الظَّبَيَاتِ فِي جَسَدِي …
وَتَنْثُرُ فَوْقَ أَشْلائِي طُيورَ الحُلْمِ
تَصْعَدُ رِيْشَةٌ مِنْها إِلى رُوحِي …
وَتَغْرِسُ نَابَها فِي آخِرِ الأَنْفاسِ …
مِثْلَ حَمَامةٍ رَفَّتْ لِتَنْجُو مِنْ نِهايَتِها فَعَاجَلَها السِّنانْ

وَتَخِرُّ رُوحِي فَوْقَ رُكْبَتِها … وَتَسْقُطُ هَامَتِي فَوْقِي …
وَتَنْسَدِلُ اليَدانْ

***
أَيْنَ البِدَايَةُ وَالنِّهايَةُ …؟!
فِي دَوَائِرَ لا تَكُفُّ عَنِ التَّدَاخُلِ …
وَالبِدَايَةُ فِي النِّهَايَةِ … كَالنِّهَايَةِ فِي البِدايَةِ …
كائِنَانْ

وَالمَوْتُ بَدْءُ المُنْتَهَى …
كَالعَيْشِ مُبْتَدَأُ العَدَمْ …
وَكَأَنَّما مَعْناهُما يَتَدَاخَلانْ
وَالخُلْدُ … كَيْفَ الخُلْدُ …؟!
غَطَّى رَاهِبي بِيَدَيْهِ عَنْ عَيْنَيْهِ مِنْ هَوْلِ الحَقِيْقَةِ …
وَارْتَمَى مُسْتَسْلِمًا …
وَالحَقُّ وَالشَّيْطَانُ فِي أَعْمَاقِهِ يَتَصَارَعانْ

فِي الصُّبْح تَصْعَدُ نَحْوَ عَاشِقِها … وَتَطْبَعُ قُبْلَةً سَكْرَى … وَتَخْتَصِرُ الزَّمانْ وَتَقُولُ عَنْ عِلْمٍ فَإِنَّ اللهَ عَلَّمَها البَيَانْ: الصَّخْرَةُ الأَبَدِيَّةُ الأَحْزانِ … وَالبَدْرُ المُؤَجَّلُ … عاشِقانْ.

مِنْ بَعْدِ دَهْرٍ فِي الضَّياعِ …
مَرَرْتُ وَحْدِي بِالقُبُورِ … الشَّاهِداتِ عَلَى الحَياةِ …
تَمَدَّدَتْ رُوحِي عَلَى العُشُبِ الطَّرِيِّ …
فصَاحَ بِي حَيٌّ مِنَ القَبْرِ القَرِيْبِ أَمَا شَبِعْتَ المَوْتَ …
قُمْ وَانْهَضْ … ذُعِرْتُ … وَغَالَنِي رُعْبٌ …
وَلَكِنِّي عَرَفْتُ بِأَنَّنِي خَاطَبْتُ نَفْسِي
فِي غِيابِ هُوِيَّتِي …
فَرَجَعْتُ مَجْرُوحَ النَّدَى …
وَمَضَيْتُ خَيْطًا مِنْ دُخانْ

***
فِي اللَّيْلِ …
يَنْزِلُ عَاشِقٌ عَنْ أَرْفَعِ الدَّرَجاتِ …
يَمْلأُ كَفَّهُ حُبًّا … وَيَنْثُرُهُ عَلَى شُبَّاكِ حُلْوَتِهِ الأَثِيْرَةِ …
بَيْلَسانْ
فَيَقُولُ: يَا … ظِلِّي الحَبِيْبَ …
تَقُولُ: يَا قَمَرِي الحَبِيبَ ..
هَذَا مَقامُ الأَوْلِياءِ …
وَوَحْدَةُ الدَّفْقِ الوُجُودِ …
وَغَيْبَةُ الفَقْدِ الشُّهُودِ …
وَشَهْوَتانْ

فِي الصُّبْح تَصْعَدُ نَحْوَ عَاشِقِها …
وَتَطْبَعُ قُبْلَةً سَكْرَى …
وَتَخْتَصِرُ الزَّمانْ

وَتَقُولُ عَنْ عِلْمٍ فَإِنَّ اللهَ عَلَّمَها البَيَانْ:

الصَّخْرَةُ الأَبَدِيَّةُ الأَحْزانِ …
وَالبَدْرُ المُؤَجَّلُ …
عاشِقانْ

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.